سحب ألوية عسكرية إسرائيلية من غزة.. دلالات سياسية وعسكرية مهمة

دبي - محمود عبدالرازق - وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الثلاثاء، بأن الجيش الإسرائيلي سوف يستعد لسحب 5 ألوية من قطاع غزة، وسط تقارير عن انسحاب دباباته من مناطق عدة في القطاع.

وأضافت الصحيفة، نقلا عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه، أن هناك انتقالًا إلى مرحلة أكثر تركيزًا، سوف تستغرق ستة أشهر.

وتابع المصدر: "بعض المقاتلين الذين سيغادرون القطاع سيكونون مستعدين لسيناريو التصعيد في الشمال، فالوضع هناك لا يمكن أن يستمر. الأشهر الستة المقبلة هي فترة حرجة".

وأكد المصدر أن "الجيش الإسرائيلي يستعد لإجلاء آلاف المقاتلين من قطاع غزة، بمن فيهم جنود الاحتياط الذين سيعودون إلى عائلاتهم ووظائفهم، في خطوة ينظر إليها دوليا على أنها رد على الضغوط الأمريكية للانتقال إلى المنطقة الثالثة الأقل صرامة من الحرب ضد حماس".

وقال المصدر إن هذه المرحلة ستكون أكثر استهدافا لقادة ومقاتلي حركة حماس في قطاع غزة، وسوف تستمر لشهور عدة، بحسب قوله.

فشل سياسي وعسكري

اعتبر نبيه عواضة، الباحث اللبناني في الشؤون الإسرائيلية، أن تسريح 5 ألوية قتالية إسرائيلية تعمل في قطاع غزة، والتي تعد من أبرز الألوية التي قاتلت في بيت حانون وأماكن أخرى، له عدة دلائل ميدانية وسياسية وعسكرية مهمة.

وبحسب حديثه لـ "الخليج 365"، على المستوى العسكري يعكس القرار الفشل الإسرائيلي الكبير في إحداث نتائج مهمة على صعيد استراتيجي فيما يتعلق بالمعركة مع شمال قطاع غزة، إذ لا تزال المقاومة حتى الآن تقوم بتنفيذ عمليات وتطلق الصواريخ من شمال غزة، الأمر الذي يعني فشل تحقيق الأهداف الإسرائيلية على الصعيد العسكري.

وأوضح أن إسرائيل تكبدت خسائر كبيرة في الوحدات المقاتلة العاملة في منطقة شمال ووسط قطاع غزة، وصولا لمنطقة خان يونس، وهو ما دفع باتجاه إعادة تمركز القوات العسكرية الإسرائيلية هناك.

وأوضح أنه من الناحية السياسية، تسعى إسرائيل للاستفادة من الدخول في مرحلة إعادة تمركز القوات، وهو ما يمكن ربطه بشكل وثيق بالأزمة الاقتصادية التي بدأت بوادرها تظهر من خلال الضعف في الاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما وأن معظم الوحدات القتالية من الاحتياط تعمل في قطاعات مهمة جدا في الاقتصاد الإسرائيلي، مثل قطاع نظام المعلومات والبرمجة، وهو قطاع منتج وحيوي داخل إسرائيل.

وتابع: "مع بروز مؤشرات اقتصادية خطيرة، على أن السنة الجديدة تحمل الكثير من النتائج الاقتصادية الكارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، دفعت تل أبيب باتجاه التسريع في عودة جنود الاحتياط العاملين في هذا القطاع إلى أماكن عملهم لأن الحكومة الإسرائيلية أما خيارين، إما أن تزيد الأعباء الضريبية من أجل دعم الميزانية العامة وتحقيق إيرادات إضافية تساهم في الإنفاق الحربي وسد الثغرات التي تتعلق بالكلفة الحربية، أو أن تقوم بإعادة تنشيط الاقتصاد من خلال إعادة الوحدات أو جنود الاحتياط إلى أماكن عملهم في الاقتصاد، وأيضا يترافق الأمر مع البدء بالعام الدراسي وبالتالي عودة الطلاب إلى المدارس والجامعات".

ويرى عواضة أن كل ذلك يشير إلى فشل العملية العسكرية برمتها في تحقيق الأهداف، والعودة للبدايات الأولى التي تتعلق بعدم اتخاذ قرارات استراتيجية كالشعارات الكبيرة التي رفعها الجيش والحكومة الإسرائيلية، التي تتمثل في القضاء على حركة حماس، وهو ما يعد بداية النزول عن الشجرة بالنسبة لنتنياهو من خلال هذا الإجراء العسكري الذي يعطي إشارة أنه فشل في تحقيق الأهداف العسكرية.

وقال إن "الحلول العسكرية التي طرحها نتنياهو في البداية أظهرت فشلها، وأنه عاد الآن للمربع الأول نتيجة الخسائر التي مني بها بفعل صمود المقاومة الفلسطينية وقدرتها على تحقيق إصابات مؤثرة وبالغة في الوحدات النخبوية للجيش الإسرائيلي".

مناورة سياسية

في السياق، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني، أن انسحاب الألوية الإسرائيلية الخمسة من قطاع غزة يحمل عدة أهداف، من بينها محاولة تحسين الواقع الاقتصادي، وكذلك المناورة السياسية لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب حديثه لـ "الخليج 365، تريد إسرائيل من هذه الخطوة، القول بأنها تستعد بشكل فعلي للانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة، وكذلك الخشية من تطور سيناريوهات الحرب، باتجاه انفجار إقليمي، وعليه تسريح هذه الألوية العسكرية من باب قدرة إسرائيل لحرب أطول ومتعددة الجبهات.

وفيما يتعلق بأهمية ودلالات الانسحاب، قال الدجني إن "هذه الخطوة منحت المقاومة مساحة كبيرة للتحرك، والتموضع، ما يعني انتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، عبر إفشالها لإسرائيل من تحقيق الأهداف".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استئناف العمليات القتالية ضد "حماس" في قطاع غزة، وذلك على خلفية اعتراض صاروخ أطلق من غزة، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل بمثابة خرق للهدنة الإنسانية المؤقتة ووقف للأعمال القتالية ضد القطاع.

وحمّلت حركة حماس المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية عن استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

وانتهت الهدنة المعلنة بين إسرائيل والفصائل المسلحة الفلسطينية، والتي استمرت لسبعة أيام، عند الساعة 7:00 من صباح يوم الجمعة 1 ديسمبر الماضي، تخللها إطلاق سراح المئات من المحتجزين والأسرى بين الطرفين.

وتخللت المعارك هدنة دامت لمدة سبعة أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وتم خلالها تبادل للأسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات متفق عليها من المساعدات إلى قطاع غزة، قبل أن تتجدد العمليات العسكرية، في الأول من ديسمبر الماضي.