خبراء يحذرون من تأثر سلاسل التوريد بالتوترات في المنطقة.. تفاصيل دقيقة

دبي - محمود عبدالرازق - واتفق الخبيران على أن التوترات تؤثر بشكل مباشر في عمليات الإمداد، إذ لا تقتصر على النفط والغاز، والذي قد لا يتأثر بشكل قوي في الوقت الراهن بالنظر للاحتياطي الذي تخزنه بعض الدول، لكن استمرارها يترك أثره بشكل كبير، إضافة لتأثر المواد الأخرى التي تنقل عبر الممرات البحرية.

يقول الأكاديمي والباحث في الشأن الاقتصادي، أيمن عمر، إن أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية، الجمعة 26 يناير/ كانون الثاني 2024، توقع أن ينمو استهلاك الوقود في أوروبا 3% على أساس سنوي، لكن ذلك سيظل أقل بكثير عن مستويات ما قبل أزمة الطاقة التي تسببت في خفض الطلب في القارة العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 1995.

25 يناير, 19:09 GMT

وأوضح التقرير أن أوروبا استفادت خلال العام الماضي من زيادة قياسية في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، كما تعافت صناعاتها من استخدام الغاز إلى حد ما، ومن المتوقع استمرار انخفاض استخدام الغاز في قطاع الطاقة بنحو 10% هذا العام، مما يعوض جزئيًا ارتفاع استخدامه من قِبل الأسر والشركات.

وأضاف في حديثه مع "الخليج 365"، أن ما يحدث في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، من شأنه إشعال أزمة طاقة جديدة في أوروبا بسبب ضعف الإمدادات الناتج عن تجنّب ناقلات النفط والغاز تلك المنطقة، والتوجّه إلى رأس الرجاء الصالح والتأخر ما لا يقلّ عن 15 يومًا لوصول الشحنات.

وفي 15 يناير 2024، توقفت 5 ناقلات غاز مسال قطرية عن عبور قناة السويس من خلال البحر الأحمر، بالتزامن مع أزمة جفاف قناة بنما، ما يضع طريقين رئيسين لتوصيل شحنات الغاز المسال في خطر، ويضيف طولًا لمدة الرحلات وارتفاعًا في تكلفة الشحن والتأمين.
عودة موجات التضخم

أشعل الصراع في مضيق باب المندب والبحر الأحمر المخاوف من جديد في عودة موجات التضخم في أوروبا والعالم، حيث ارتفعت أسعار كلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170%، الأمر الذي دفع أهم شركات شحن عالمية مثل شركة "إم إس سي" وهي أكبر شركة شحن في العالم، لتعليق كل رحلاتها عبر المضيق.

24 يناير, 15:23 GMT

كما تشير تقديرات لمكتب الإحصاءات الأوروبية أن تتسبب أزمة البحر الأحمر في ارتفاع التضخم بمقدار نصف في المئة، على مدى الربعين الأول والثاني من 2024، وهو ما يُضعف من إمكانية تخفيض معدلات الفائدة المرتفعة البالغة 4% وهي من أعلى المعدلات.

في الولايات المتحدة، عاد التضخم للارتفاع إلى 3.4% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من 3.1% في الشهر السابق له، مع ارتفاع كبير في معدل 5.5%، وهي أعلى نسبة منذ 2001 حسب بيانات الفدرالي الأمريكي.

فيما يقول الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن أحداث البحر الأحمر خلّفت الكثير من الآثار على مختلف الأنشطة الاقتصادية، وعلى وجه الخصوص سلاسل التوريد الأساسية، ولا سيما الحبوب ومواد الطاقة ومنها النفط والغاز المسال.
تأثر حركة الشحن

وأضاف في حديثه مع "الخليج 365"، أن حركة الشحن التي تمر عبر قناة السويس انخفضت بنسبة 45% في الشهرين الماضيين، وفقا لما أعلنه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).

ووفقًا لأونكتاد، تراجع عدد السفن التي عبرت قناة السويس 39%، مقارنة ببداية ديسمبر، ما أدى إلى تراجع حمولات الشحن 45%.

25 يناير, 14:53 GMT

ويمر ما بين 12% إلى 15% من التجارة العالمية وما بين 25% و30% من حركة الحاويات عبر قناة السويس.

كما انخفضت شحنات الحاويات عبر القناة 82% في الأسبوع المنتهي في التاسع عشر من يناير، مقارنة بأوائل ديسمبر، كما تراجعت شحنات الغاز الطبيعي المسال بشكل أكبر، ولا سيما أن أكثر من خُمس إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية يتم تصديره من دول ملزمة بالعبور عبر بحر العرب والبحر الأحمر، وعلى رأسها دولة قطر.

وتقدر وكالة "ستاندرد آند بورز" شحنات الغاز الطبيعي المسال القطرية عبر قناة السويس بـ 14.8 مليون طن متري سنويًا، والشحنات الأمريكية بـ8.8 ملايين طن متري، والشحنات الروسية بـ3.7 ملايين طن متري.

مخاطر رغم تخزين النفط والغاز

وبالرغم من نسبة التخزين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي والتي بلغت 73%، وهو أعلى بكثير من متوسط السنوات الخمس السابقة، إلا أن ذلك لا يجعلها بعيدة عن مخاطر توقف عملية الشحن.

وارتفعت أسعار استئجار الناقلات العملاقة لتوصيل شحنات الوقود من الشرق الأوسط إلى منطقة شمال غرب أوروبا، لتصل إلى نحو 117 ألف دولار لليوم الواحد، وذلك خلال الأسبوع الماضي، ويؤدي ذلك إلى زيادة هوامش الديزل، أي الفارق بين سعر الوقود وأسعار النفط الخام، ما يضغط على عمل الناقلات التي تنقل الغاز المسال ويرفع من تكاليف عملية النقل بشكل كبير.

18 يناير, 12:42 GMT

كما قفزت أسعار الشحن الدولي بنسب واضحة خلال شهر ديسمبر الماضي، إذ بلغت أسعار الشحن الدولي للحاوية سعة 40 قدمًا من موانئ الصين إلى موانئ البحر الأحمر أكثر من 4400 دولار، بعد أن كان سعر الشحن في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني نحو 1350 دولارًا، بزيادة نسبتها 226%.

فيما تجاوزت كلفة الحاوية نفسها إلى البحر المتوسط 6000 دولار أمريكي، ما يضغط على تكلفة الأسعار على السلع المستوردة من الشرق ولا سيما من الصين والهند، كما يعيد موجة التضخم الى الظهور مجددًا.

تأثيرات أخرى

يقول الخبير الاقتصادي رشيد ساري، إن ثلث المبادلات التجارية تمر عبر باب المندب في البحر الأحمر، ما يؤثر على أوروبا من جهة، والتي تتأثر من جهة أخرى بالأزمة في أوكرانيا.

وأضاف في حديثه مع "الخليج 365"، أن استغلال الغاز قد يماثل الاستهلاك نفسه من العام الماضي، بالنظر لعدم وجود برودة شديدة حتى الآن، لافتا إلى أن التداعيات المستقبلية تتعلق بسلاسل الإمدادات، والتي تترك أثرها على مستويات عدة.

ويتوقع الخبير المغربي أن التداعيات لن تناهز المستويات التي عاشها العالم في 2021، لكنها تشير إلى ارتفاع معدلات التضخم بـ 0.7 في المئة، وانخفاض معدلات النمو العالمي بنسبة 0.9 في المئة.

وأشار إلى أن حالة الترقب الحالية تهيمن على الوضع الاقتصادي وتفرض بعض التحديات، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تنعكس على نسب النمو.