دبي - محمود عبدالرازق - ومنذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021، تصاعدت المطالب آنذاك بمحاسبة المنظومة التي تسببت فيما بات يعرف بـ "العشرية السوداء"، والتي سيطر عليها استغلال عدد من الأحزاب لنفوذها السياسي في الحصول على تمويلات أجنبية تم استغلالها في تمويل حملاتها الانتخابية، وفي مقدمتها حركة النهضة.
وقبل يومين، أصدر القضاء التونسي حكما يقضي بسجن رئيس حركة النهضة راشد الغنّوشي، وصهره رفيق عبد السلام 3 سنوات مع النفاذ العاجل، بتهمة "تلقي تمويل أجنبي".
1 فبراير, 16:34 GMT
وأثار هذا الحكم تساؤلات بشأن مصير الأحزاب السياسية المتهمة بالفساد المالي وبتلقي تمويلات أجنبية، خاصة في ظل وجود تحقيقات قضائية شملت أحزاب "النهضة"، و"قلب تونس"، و"عيش تونسي" بناء على وجود معطيات تفيد بتلقيها لتمويلات أجنبية، وثقها التقرير الأخير لدائرة المحاسبات.
خطوة مهمة لتنقية المناخ السياسي
وأضاف: "لقد بات من الضروري القطع مع الأحزاب التي تعلّقت بها تمويلات أجنبية مشبوهة ولها علاقات خارجية تصبّ في مصلحة أجندة معينة وليس في مصلحة الشعب التونسي".
5 سبتمبر 2023, 23:22 GMT
وقال بن مبروك إن المقصود هي الأحزاب السياسية التي حكمت البلاد في العشرية التي تلت الثورة، وهي بالأساس "حركة النهضة" و"الدستوري الحر" و"ائتلاف الكرامة" و"التيار الديمقراطي"، التي تلقت تمويلات من دول أجنبية على غرار قطر والإمارات، وفقا لتأكيده.
وشدد على أن "الرئيس التونسي ومسار 25 يوليو لا يبحثان عن ضرب الأحزاب السياسية والدليل هو استمرار نشاط عدد من الأحزاب السياسية التي نشطت في العشرية الأخيرة وشاركت في الانتخابات الأخيرة على غرار حركة الشعب".
وأوضح بن مبروك أن هذه الخطوات ضرورية لتنقية المناخ السياسي ولضمان عدم عودة المنظومة السابقة التي أثبتت فشلها في خدمة مصالح الشعب إلى سدة الحكم مجددا.
وتابع "بعد الثورة تشكل ما يزيد عن 250 حزبا سياسيا في تونس، بعضها توقف عن النشاط وطلب حلها بنفسها، والبعض الآخر لم تقدم تقاريرها المالية السنوية منذ 2018، وهو أمر مخالف للقانون، والبعض الآخر تورطت في قضايا فساد مالي وتلقي تمويلات أجنبية، والقضاء هو من سيقول كلمته فيها".
ملف على غاية من الحساسية
وأوضح بن أحمد أن هذا الملف على غاية من الحساسية على اعتبار تأثيره المباشر على استقرار المناخ السياسي في البلاد وعلى الاستحقاقات الانتخابية التي ستعيشها تونس خلال الفترة المقبلة.
1 يونيو 2023, 17:43 GMT
ويرى بن أحمد أن تأخر البت في هذا الملف بشكل نهائي يعود إلى إيلاء الدولة الأهمية القصوى لمكافحة الفساد، وتنظيف الإدارة من الشوائب التي علقت بها على امتداد أكثر من 3 عقود، وإنهاء سيطرة العائلات النافذة على الاقتصاد التونسي.
مبادرة تشريعية في الصدد
وترى المسدي أن "ما يتعلق بحزب حركة النهضة وقياداتها، من قضايا تسفير وتلقي تمويلات أجنبية وتخابر مع جهات خارجية، يستوجب حلها وعدم الاكتفاء بغلق مقرها وتتبع قياداتها قضائيا".
وفي أبريل 2023، أغلقت قوات الأمن التونسي المقر المركزي لحزب حركة النهضة وجميع مكاتبها في البلاد ومنعت الاجتماع فيها، وذلك بعد يوم من إيقاف رئيس الحركة راشد الغنوشي على خلفية قضايا "إرهاب".
30 مايو 2023, 11:04 GMT
ويرى الناشط السياسي محسن النوري في تعليق لـ "الخليج 365"، أن قضايا الفساد والتخابر والتمويل الأجنبي أدت إلى فقدان الأحزاب لثقلها الشعبي، مشيرا إلى أن الأحزاب البارزة في تونس لم تعد قادرة على تحريك الشارع.
وقال النوري "بعد الثورة، علّق التونسيون آمالا على الأحزاب التي اكتوت بنار النظام الاستبدادي على غرار حركة النهضة وصنّفها كحزب نضالي، غير أن الوقائع والسنوات أثبتت أن همّها الوحيد هو مسك السلطة وخدمة مصالحها الضيّقة، وهو ما يفسّر اليوم القطيعة شبه النهائية بينها وبين الشعب".