اليابان | فهم الشخصية اليابانية: تحليل مميز يتخطى القوالب النمطية

وجهة نظر

ثقافة 27/07/2024

تتميز الثقافة اليابانية بخصوصية منحتها تفرداً بين شتى ثقافات العالم. إلا أن هذا التفرد كان وما يزال يمثل عائقاً أمام الأجانب، بغض النظر عن مدى إتقانهم للغة اليابانية، الذين يرغبون في العيش في اليابان وفهم المجتمع والثقافة دون الوقوع في فخ التحيز أو العنصرية ودون الإتيان بتصرف غير لائق قد يتنافى مع عادات وتقاليد هذا الشعب العريق. في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى ركن أصيل في الثقافة اليابانية وهو ”الثقافة الخفية“ التي تلعب دوراً أساسياً في سلوك اليابانيين، وحواراتهم، وتعبيراتهم.

الحيز الذي يملأه الصمت في العقلية اليابانية

تحولت اليابان إلى مجتمع متعدد الثقافات، حيث أصبحت موطناً لأشخاص من مختلف الدول والخلفيات الثقافية والاجتماعية، بما في ذلك العديد من العرب والمسلمين. نتيجة لذلك، نشهد في حياتنا اليومية تنوعًا واسعًا في السلوكيات وأساليب التعامل التي تنعكس من الخلفيات الثقافية المختلفة لهؤلاء الأشخاص.

في الماضي، كان ”التبادل بين الثقافات“ مجرد مصطلح رنان يقتصر على مجموعة من التجارب المتاحة لقلة قليلة من الناس. أما اليوم، فقد أصبح هذا المفهوم أكثر شيوعًا ومتاحة للجميع.

في ظل هذا التغير المجتمعي والثقافي في اليابان، وفي مواجهة الاتجاهات المتفشية على نطاق دولي واسع، مثل الصدامات الفكرية الناتجة عن سوء الفهم، والتحيزات، والقوالب النمطية، وغيرها من العوائق التي تحول دون التواصل الواضح مع الآخرين، نرى اهتمامًا متزايدًا بمفهوم ”الثقافة الخفية“.

أي شخص سبق له أن استمتع بمشاهدة أحد فنون الأداء اليابانية التقليدية مثل الكابوكي أو مسرح نو أو راكوغو ربما يكون قد لاحظ سمة معينة تميز ثقافة هذه الأمة، ألا وهي مفهوم ”ma“ (間). وهو ببساطة قناعة لدى اليابانيين بأن فراغات الصمت بين الأفعال أو بين الجمل الحوارية يمكنها أن تنقل الكثير من الأمور الأساسية المتعلقة بالسرد الذي تقوم عليه هذه الأشكال الفنية التقليدية. وخارج إطار الفن، غالبًا ما يطبق اليابانيون نفس هذا المفهوم في حياتهم اليومية، حيث يحافظون على شيء من السكون في بعض الأحيان، ويضفون عليه أهمية كجزء من محادثاتهم أو سلوكهم في العلاقات الشخصية.

يشير مصطلح ma، كما هو مستخدم في اللغة اليابانية، إلى مسافة أو فاصل زمني في الزمان أو بين الأماكن. وقد أشار الكثيرون إلى أن اليابانيين يميلون إلى إدخال هذا النوع من المساحات الفارغة في الزمان أو المكان في تعاملاتهم مع الناس أيضًا، مما يولّد إحساسًا قويًا بالمسافة بين بعضهم البعض. يبدو الأمر مشابهًا للطريقة التي يمكن للمرء أن يصنف بها ”السكون“ على أنه وجه من وجوه ”الحركة“، أو ”العدم“ على أنه شكل من أشكال ”الوجود“.

ألا تكون فاعلاً خير من أن تُلام على أفعالك

في الواقع، يمكننا أن نقول نفس الشيء عن السياسة اليابانية. فالسّاسة في اليابان يعتمدون على أسلوب المراقبة الهادئة في تعاملهم مع الأحداث الكبرى سواء كانت محلية أو دولية، وقد ظهر هذا جلياً خلال السنوات الأخيرة في أعقاب الصراعات الكبرى التي اندلعت في جميع أنحاء العالم، مثل الصراع في أفغانستان أو الصدام المستمر بين إسرائيل وحماس في غزة، وفي كثير من الأحيان، يبدو أن الرد الياباني الرسمي الوحيد هو المراقبة الصامتة.

على الساحة العالمية، يتمثل النهج الياباني الكلاسيكي في التأني وعدم المبادرة إلى اتخاذ قرارات سريعة، بل المراقبة وتحليل ما تفعله الدول الأخرى والطريقة التي تهب بها رياح الرأي العام، وأخيراً اتخاذ الخطوات (بعد اتخاذ قرار مناسب) التي تتوافق مع التوقعات. أما على صعيد السياسة المحلية، فإنه يُنظَر إلى زلة أحد السياسيين أو الكشف عن فضيحة ما في إحدى الشركات باعتباره الوقت المثالي للجلوس والانتظار ومراقبة الكيفية التي سيتطور بها الوضع، حتى رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو نفسه يميل إلى إطلاق عبارات مبتذلة مثل ”إن وظيفتي هي حماية حياة ورفاهية شعب اليابان“ في حين يراقب بهدوء الأحداث التي تتكشف من حوله. وهنا يتضح انعدام الدافع لأن نكون محرك التغيير في العالم، إذ يبدو أن رئيس الوزراء يعتقد أنه من الأفضل أن يجلس ويراقب كيف يتحرك العالم من تلقاء نفسه، بدلاً من القيام ببعض المحاولات الخرقاء لتوجيهه والتي لن ينال من ورائها إلا اضطراره إلى تحمل المسؤولية عن نتائجها.

يميل أولئك الذين يتواصلون باللغة اليابانية إلى تجنب الأساليب المنطقية الصريحة في عرضهم لحججهم. إن السياسيين في الخارج، مثل أولئك الموجودين في العالم العربي، يستخدمون أساليب إقناع ماهرة لكسب دعم الآخرين، لكن على النقيض من ذلك، يبدو أن نظراءهم اليابانيين يفتقرون إلى هذه البلاغة، ولذا فهم يعتمدون بدلاً من ذلك على مناشدة عاطفة الجمهور لتعويض افتقارهم إلى البراعة اللفظية. إذا نظرنا إلى ذلك من زاوية مختلفة، يمكننا القول إنهم ينظرون إلى الأيديولوجية على أنها أقل أهمية من العلاقة الإنسانية، وربما يكون هذا انعكاساً لميلهم إلى تقدير طرق التفكير ”الطبيعية“ أكثر.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: كاهن يعيش على التبرعات يراقب الحشود أمام المعبد. الصورة © بيكستا)

الثقافة الثقافة التقليدية الثقافة اليابانية

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | فهم الشخصية اليابانية: تحليل مميز يتخطى القوالب النمطية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :