عبقرية الصوت

كان نبى الله «داود» حالة إيمانية فريدة فى صلاته وإيمانه وتسبيحه، فقد كان -كما ينقل «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»- يقوم الليل، ويصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان شجاعاً لا يفر فى مواجهة عدو، مهما كانت قوته أو جبروته، وأحب الأشياء إليه أن يتلو الكتاب الذى أنزله الله عليه «الزبور».. يقول تعالى: «وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا».

وكانت تلاوة الكتاب من أحب العبادات إلى نبى الله داود، ومثّلت أساس التسبيح لله عنده. وقد وهبه الله تعالى صوتاً عظيماً آسراً، وأعطاه سبحانه من حلاوة الحنجرة ما لم يمنحه لغيره، لدرجة أن كل الخلائق كانت تتجمّع من حوله بمجرد أن يمسك الكتاب ويتلو آياته وتسابيحه، من بشر وطير وحيوانات وجمادات.

وقد وصف القرآن الكريم هذه الحالة الفريدة من الانبهار الكونى بصوت داود عليه السلام.. يقول الله تعالى: «إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَالْإِشْرَاقِ».. ويقول: «وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ».. ويقول: «يَا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ».

وقد أفاض «ابن كثير» -نقلاً عن حديث عبدالله بن عامر- فى وصف هذه الحالة المبهرة، قائلاً: وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطِه أحداً، بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير فى الهواء، يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشياً، وينقل عن وهب بن منبه قوله: «كان داود يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله، فيعكف الجن والإنس والطير والدواب على صوته، حتى يهلك بعضها جوعاً».

وحتى إذا نحينا هذه الروايات جانباً، فسيتبقى الدليل، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، على عبقرية الصوت الذى تمتع به نبى الله داود من الآيات التى تصف انفعال وتفاعل مخلوقات الله تعالى معه وهو يسبح ويتلو الكتاب.

وأظن أن المسألة تتعلق بحلاوة الصوت كما تتعلق بخشوع النفس المؤمنة الذى تمتع به نبى الله داود. فقد كان صوّاماً قوّاماً مطيعاً لربه شجاعاً فى تبليغ رسالته والدفاع عن كلمته.

الحناجر الذهبية تأخذ من النفوس المؤمنة فتزداد بريقاً ولمعاناً ويتعاظم أثرها حين تترنم بكلمات الله، حتى يتجاوز البشر إلى الحجر والنبات والطير وكل مخلوقات الله.

ولعل هذا الجانب من قصة نبى الله «داود» يرد على من يتحفّظون على الأداء المنغّم للقرآن الكريم، الذى أبدعت فيه الحناجر المصرية لمشاهير القراء، وقد قال النبى، صلى الله عليه وسلم، حين سمع صوت أبى موسى الأشعرى وهو يقرأ القرآن: لقد أوتى أبوموسى من مزامير آل داود.

على أن المسألة لا تعنى هنا التغنى، ولكن ما يُستفاد من تحليل تجربة نبى الله داود هو أن التغنى هنا يعنى التخشّع لله سبحانه وتعالى، بهدف هز قلوب المستمعين وغرس المعانى الجليلة فيها، وليس إطراب آذانهم.

د. محمود خليل – الوطن نيوز

كانت هذه تفاصيل خبر عبقرية الصوت لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :