تحذيرات من انعكاس آثار الحرب على سكان غزة

ابوظبي - سيف اليزيد - دينا محمود (غزة، لندن)

في خضم المعاناة التي يكابدها أكثر من مليونيْ فلسطيني في قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، يغفل كثيرون عن المحنة التي تواجهها قرابة 50 ألف سيدة حامل، يعشن بين جنبات القطاع، ويعانين من شُح الغذاء والمياه والافتقار للمسكن المستقر، فضلاً عن التبعات الأخرى للمعارك.
ورغم أن الوكالات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة، أرسلت أدوية ومعدات طبية إلى غزة على مدار الشهور الماضية، فإن كميات هذه الإمدادات، لا تزال غير كافية لسد احتياجات أهل القطاع، وخاصة الأطفال والحوامل، اللواتي بات من الصعب عليهن، الحصول على الرعاية اللازمة لهن، في فترتيْ ما قبل الولادة وبعدها، وأن يحظين أيضاً بخدمات رعاية المواليد.
وفي ظل النقص الشديد في العقاقير التي تُستخدم لتسكين الآلام والمضادات الحيوية وأدوية السكري وأمراض الدم، يحذر خبراء من تزايد المخاطر التي تهدد حياة النساء الفلسطينيات الموشكات على الولادة ومواليدهن كذلك، على ضوء تقديرات منظمة الصحة العالمية، التي تفيد بأن 15% من النساء اللواتي يلدن يومياً ويُقدر عددهن بأكثر من 180 امرأة، يُرجح أن يواجهن مضاعفات، وألا يتسنى لهن الحصول على الخدمات اللازمة لهن، في مثل هذه الظروف.
وأبرز الخبراء في هذا الصدد، اضطرار بعض النساء في غزة، للولادة في مراكز الإيواء المكتظة بقاطنيها، وأيضاً في السيارات بل وعلى قارعة الطريق، وذلك في وقت يتزايد فيه تفشي الأمراض المعدية، مثل أمراض الجهاز التنفسي، والتهاب الكبد الوبائي والتهاب «السحايا»، مشيرين كذلك، إلى ما أفادت به بعض المستشفيات، من أن المعارك أوقعت إصابات مباشرة في أقسام الولادة وتلك المخصصة للأطفال الرضع، ما أودى بحياة بعض الأمهات والمواليد. وحذرت منظمة «اليونيسف» من أن النساء الحوامل اللواتي يعانين من سوء التغذية، يواجهن خطراً أكبر للإصابة بتسمم الحمل والنزيف وفقر الدم، ما قد يفضي لوفاة كثيرات منهن. أما المواليد، فقد يُولدون بأوزان أقل من المتوسطات الطبيعية للوزن لأقرانهم المولودين في ظروف طبيعية، ما يُعرِّضهم لتأخر النمو. وخلال المواجهات التي دارت في قطاع غزة عام 2014، أنجبت الأمهات اللواتي تعرضن وقتذاك للصدمات الناجمة عن تلك الحرب، أطفالاً عانوا بعد ذلك من مشكلات في النمو الحركي والمعرفي والشعوري. 
فضلاً عن ذلك، أشار الخبراء إلى دراسات أُجريت في مناطق شهدت نزاعات مسلحة في الفترة ما بين عاميْ 1945 و2017، وكشفت نتائجها عن أن الأطفال المُعرضين للحروب، هم الأكثر عرضة عادة، للمعاناة من تبعات تردي الأوضاع المعيشية، وذلك بفعل التدمير الذي تلحقه الصراعات والنزاعات، بالبنية التحتية للخدمات العامة، سواء التعليمية أو الاقتصادية. ويعني ذلك، وفقاً للخبراء الذين تحدثوا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن نجاة الأمهات الفلسطينيات وأطفالهن من الموت جراء ما تشهده الحرب من عمليات قصف أو مواجهات برية، لا تكفل لهم الحماية من تبعات هذا الصراع، التي قد تلاحقهم خلال ما تبقى من حياتهم. وتعزز هذه التوقعات المتشائمة، ما يؤكده مسؤولون أمميون، من أن قطاع غزة أصبح الآن غير صالح للسكن، ما يفاقم الصعوبات التي تواجهها النساء والأطفال، ممن كانوا من الأصل، يواجهون كثيراً من التعقيدات قبل اندلاع الحرب، من بينها عدم تناسب عدد الأطباء والقابلات الموجودين في القطاع مع عدد النسوة الحوامل، وذلك في ظل تقلص المستلزمات اللوجستية الضرورية، لعمل المستشفيات والمراكز الصحية. وشدد الخبراء، على أن الفرصة الوحيدة المتاحة لنساء غزة وأطفالها لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، تتمثل في الوقف الفوري للقتال، واستئناف تقديم الخدمات الصحية من دون إبطاء، مؤكدين أن هناك آثاراً مستدامة، تُخلّفها العمليات العسكرية وما يترتب عليها من انهيار لنظام الرعاية الصحية وشُح للإمدادات الغذائية وعدم توافر لمراكز الإيواء الملائمة، على الأمهات وأطفالهن، حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها.

أخبار متعلقة :