وقعتها 30 مؤسسة.. هل توقف رسالة وكالات الأنباء استهداف الصحفيين بغزة؟

ياسر رشاد - القاهرة - على مدار 148 يومًا، هي عمر المذبحة الكبرى بقطاع غزة، التهمت فيها آلة الوحش الصهيوني أرواح عدد من العاملين على الجبهات الأولى في الميدان، منهم صحفيون دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، كما خسر صحفيون آخرون أفرادًا من عائلاتهم، وكان أبرزهم مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح.

 لذا لم يكن توقيع أكثر من 30 مؤسسة إخبارية رسالة مفتوحة تعرب فيها عن تضامنها مع الصحفيين العاملين بقطاع غزة، داعية إلى حمايتهم وضمان حريتهم في أداء عملهم، نابعًا من فراغ، فحسب إحصاءات مكتب الإعلام الحكومي في القطاع، ارتفع عدد ضحايا الصحافة هناك إلى 132 شهيدًا، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر الماضي، وهو رقم يعد مرعبًا بالنسبة لعدد الصحفيين الذين استهدفوا في حروب أكبر وأوسع وطأة، مثل الحرب العالمية الثانية، والتي دارت رحاها لست سنوات كاملة راح ضحيتها 69 صحفيا فقط، بل إن عدد الصحفيين الفلسطينيين الشهداء منذ طوفان الأقصى الأول عام 2000 وحتى قبل 7 أكتوبر 2023 بلغ 55 صحفيا، ومنذ العام 1992 وحتى 2014 قتلت إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) 15 صحفيا، وفي هجومها على غزة عام 2014 قتلت 12 صحفيا أحدهم صحفي أجنبي من بين ال2200 الذين قتلتهم في تلك الحرب، ودمرت 8 وكالات صحفية محلية، كما أكد الاتحاد الدولي للصحفيين مقتل 94 صحفيًا وعاملا إعلاميًا، بينهم 9 صحفيات، طوال عام 2023.

 من هنا ندرك حجم دموية ما يجري بغزة، فقد طالت الوحشية الصهيونية كل حي، حتى تجاوز عدد الإعلاميين الشهداء أثناء ممارسة عملهم الأسمى، في شهور معدودة عدد من استهدفوا لسنوات طوال في حروب كاملة.

*الموقعون على الرسالة:

وحسب شبكة "سي إن إن"، فإن من بين الموقعين على الرسالة التي نسقتها لجنة حماية الصحفيين، وكالات الأنباء العالمية “فرانس برس”، “أسوشيتد برس”، “رويترز” بالإضافة إلى وسائل إعلام بارزة من بينها “نيويورك تايمز”، “بي بي سي نيوز”، صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

وجاء في الرسالة “منذ نحو 5 أشهر، ظل الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام في غزة، وهم المصدر الوحيد للتقارير الميدانية من داخل القطاع الفلسطيني، يعملون في ظروف غير مسبوقة".”

مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 89 صحفيا وعاملا في مجال الإعلام في غزة استشهدوا في الحرب، وفق أرقام لجنة حماية الصحفيين، وورد بالرسالة -التي وقعها أيضا كل من اتحاد المذيعين الدوليين، والرابطة العالمية للصحف وناشري الأخبار- أن الصحفيين مدنيون ويجب على السلطات الإسرائيلية حمايتهم "باعتبارهم غير مقاتلين بموجب القانون الدولي"، "يجب محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات لهذه الحماية".

وذكرت “فايننشال تايمز” البريطانية أن عدد العاملين في مجال الإعلام الذين قُتلوا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أكثر من العدد المسجل في أي دولة أخرى خلال عام واحد، معتبرة استهداف الصحفيين عمدا "جريمة حرب".

بينما أكد ناصر أبو بكر نقيب الصحفيين الفلسطينيين في تصريح أدلى به في بدء طوفان غزة أن ما يتعرض له الصحفيون داخل قطاع غزة لم يتعرض أحد لمثله في التاريخ من الصحفيين بالعالم، معتبرا أن ما يحدث يعد أكبر مجزرة في تاريخ الإعلام ومنذ إنشائه.

 

*القانون الدولي يحمي الصحفيين:


وإذا ما اطلعنا على نص القانون الدولي وموقفه من حماية الصحفيين في شتى بقاع العالم، نجده ينص على أن الصحفيين محميون بقوة القانون الدولى، حيث إن قرار رقم 1738 لمجلس الأمن الدولي أكد إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة، بجانب نصه على اعتبار الصحفيين والمراسلين المستقلين مدنيين يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة، ومساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك، بجانب اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانًا مدنية لا يجوز أن تكون هدفًا لأي هجمات أو أعمال انتقامية، واعتبرت لجنة الأمم المتحدة بشأن الحقيقة في السلفادور أن قتل أربعة صحفيين هولنديين، كانوا برفقة أعضاء من جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني، والذين سقطوا في كمين لدورية من القوات المسلحة السلفادورية، هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني الذي يشترط ألا يكون المدنيون محلا للهجوم، كما ذكرت البرازيل، في عام 1971، وألمانيا في عام 1973، أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصحفيين محميون كمدنيين، عملاً بمبدأ التمييز.

 

ربما ظننا أن شيرين أبوعقلة ستكون هي الأخيرة، عندما حل علينا خبر استشهادها بعد أن اغتالتها يد الاحتلال الغاشمة في مايو 2021 أثناء ممارستها عملها في مخيم جنين، إلا أنه وبمبدأ بعض الظن إثم، وكل ظن خير في المحتل الصهيوني هو إثم حقا، فإنه يتعين على المجتمع الدولي وجموع الصحفيين والإعلاميين في شتى بقاع العالم التصدي بقوة الضغط الإعلامي لتلك الممارسات الشائنة، التي تستهدف أبرياء، كل ما فعلوه أنهم يستجلون الحقيقة ليس سواها، ولكن سيظل الحق سلاحًا وعدوًا أمضى للمحتل.

 

 

 

أخبار متعلقة :