الذكاء الاصطناعي والفساد

الفساد ظاهرة عالمية تعاني منها الدول المتقدمة والنامية على السواء، يترتب عليها الكثير من الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فهو يقوض الثقة في الحكومات، ويؤثر على ثقة القطاع الخاص والمستثمرين. كما يؤدي إلى خفض معدلات تحصيل الإيرادات المحلية بسبب التهرب الضريبي، مما يحرم الحكومات من الموارد اللازمة لتمويل خدمات النفع العام.

ويتعبر الفساد عائقًا للتنمية، وله أثر شديد على أشد الفئات فقرًا، وضعفًا، واحتياجًا، وتعرضًا للمخاطر في العالم. وهذا يزيد التكاليف ويحد من سبل الحصول على الخدمات الأساسية، وتزداد آثاره السلبية كلما كان اقتصاد الدولة ضعيفا.

لذا فإن مكافحة الفساد غاية في الأهمية لسد الفجوة التمويلية وأولوية رئيسية للدول الساعية إلى القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء وتحقيق التنمية المستدامة.

أساليب احتيالية
يتخذ هذا الفساد أشكالا عدة، تبدأ من تسهيل المعاملات، ومبالغ الرشوة الصغيرة، والتربح من النفوذ والمحسوبية إلى اختلاس الموارد العامة على نطاق واسع والسيطرة على مفاصل الدول من جانب من يمسكون بمقاليد السلطة على أعلى مستوى في الحكومة. ويخفي الفاسدون حصيلة فسادهم وكسبهم غير المشروع في شركات وهمية بالخارج، فضلاً عن الاستثمار في الأصول الفارهة، لا سيما العقارات، في البلدان الأجنبية.

وتشير بعض الدراسات إلى أن الفساد يسهم مساهمة كبيرة في إبطاء وتراجع معدلات النمو الاقتصادي من خلال قنوات عدة، إذ يقلل من تراكم رأس المال الذي يشكل العامل الرئيسي في عملية الإنتاج عن طريق انخفاض التدفقات الاستثمارية اللازمة لتمويل النمو والتنمية. فعلى سبيل المثال تشكل تكلفة الفساد – من دفع الرشاوى- أعباء إضافية تزيد من نفقات الاستثمار وتقلل من مردوده، وهذا یعني أن المستثمر ينظر إلى الفساد كنوع من الضريبة الإضافية على عائداته التي تضاعف من مخاطر الاستثمار؛ مما يؤدي في النهاية إلى تقليص حجم الاستثمار المرغوب به.

أساليب مبتكرة
ولمكافحة هذه الظاهرة تتجه بعض البلدان حاليا إلى تبني أساليب مبتكرة، يأتي على رأسها استخدام الذكاء الاصطناعي، نظرًا لأن كشف جرائم الفساد يحتاج إلى وسائل تكنولوجية متطورة لإثبات وقوعها، إذ ليس من السهولة بمكان إثباتها بالطرق التقليدية.

وأصبحت الأساليب الإلكترونية لمكافحة الفساد ترتكز إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، نظرا لما تتمتع به تلك التقنيات بقدرة فائقة على تنظيم البيانات، واستخلاص المعلومات اللازمة لتيسير العمل، وتنقيح تلك البيانات والمعلومات بما يتوافق مع القوانين واللوائح والشروط والمعايير الواجب توافرها، وزيادة كفاءة وجودة الخدمات المقدمة، وخفض النفقات الحكومية، وضمان الرقابة وتعزيز الشفافية والنزاهة. وتمتلك أنظمة الذكاء الاصطناعي أيضا القدرة على التعامل مع المعلومات المتضاربة أو غير المؤكدة بشكل أسرع، وهي في ذلك تحاكي قدرة العقل البشري على سد الثغرات بكفاءة شديدة.

كما تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الخوارزميات، على تقليل التعامل بين المتعاملين ومقدمي الخدمة، وكذلك فحص البيانات والطلبات المقدمة بكل نزاهة وشفافية وبجودة وكفاءة عالية، ومن ثم الحد من ظاهرة الفساد ومكافحته. كما يتم تصميم خوارزميات معينة تناسب عمل الجهات الحكومية في التنبؤ بالفساد، وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم وقوعه.

وأدت تقنيات الذكاء الاصطناعي أيضا إلى زيادة الحصيلة الضريبية عبر خفض تكاليف جمع المعلومات وتقليل الاحتكاك بين موظفي الضرائب ودافعيها، وتسهيل عملية تحصيل الضرائب، خاصة مع تزايد نشاط الشركات متعددة الجنسيات ونظم الامتياز التجاري. منصات البيانات
وتشير دراسة للبنك الدولي إلى أنه يمكن لمنصات البيانات المستندة إلى المخاطر أن تساعد الجهات الرقابية على توجيه مواردها المعنية بالتحقيقات على نحو أكثر فعالية، كما تعمل مراصد المجتمع المدني على إشراك المواطنين في أنشطة الرصد والمتابعة، والمطالبة بمزيد من المساءلة بشأن أنشطة المشتريات العامة. فعلى سبيل المثال، تجري تجربة أدوات الذكاء الاصطناعي لميكنة ترتيب أولويات أعمال التدقيق والمراجعة من جانب السلطات الضريبية في جورجيا، حيث حددت دوائر الإيرادات المتهربين المحتملين من الضرائب بمعدل دقة بلغ 63%.

كما يمكن لنظام تقويم مخاطر الحوكمة (GRAS)، الذي تمت تجربته على ثلاثة مستويات حكومية في البرازيل، تحديد حوالي 200 علامة تحذيرية على الاحتيال المحتمل في الإنفاق العام. تسريع الإجراءات
إن تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة تلعب دورًا متميزًا في الوقاية من الفساد ومحاربته؛ نظرًا لأن كشف جرائم الفساد يحتاج إلى وسائل تكنولوجية متطورة لإثبات وقوعها؛ إذ ليس من السهولة بمكان إثباتها بالطرق التقليدية.

بالإضافة إلى أن التقنيات الحديثة تختصر الإجراءات وتسرّعها، وهذا يسهم في إنجاز العمل بشكل دقيق وضمن مدة زمنية مقبولة، تتخطى الإجراءات الروتينية والبيروقراطية التي تكون في بعض الحالات مرتعًا لارتكاب مخالفات تحمل في طياتها جرائم فساد.

د. عاطف عبدالله – بوابة الأهرام

كانت هذه تفاصيل خبر الذكاء الاصطناعي والفساد لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :