الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

الحسيس والبليد

  • 1/2
  • 2/2

الإنسان «الحسيس»، هو الرقيق الذى تتأثر مشاعره بما يتفاعل حوله من خير وشر، وحزن وفرح، وانتصار وانكسار، وإنجاز وتراجع، وعكسه الإنسان «البليد»، الذى يعبر على الأحداث والأشخاص من حوله دون أن يأبه إلى شىء أو إلى أحد. ردود فعله راكدة، بل قل معدومة، وبالتالى فهو لا يتأثر بشىء أو بأحد، أمثال هؤلاء يوصفون بأصحاب الجلد السميك الذى لا يستطيع اختراقه الهواء الخارجى، وبالتالى فهم دائماً فى منجى من الواقع الذى يعيشون فيه.

الإحساس يعنى ببساطة تأثر الإنسان بما حوله ومن حوله، فإذا ابتهج الواقع الذى يعيش فيه فرح، وإذا حزن تألم وتوجع له، وإذا سعد من حوله سعد، وإذا أصابتهم التعاسة بسهمها اغتم وركبه الهم.

قديماً قال الحكماء «الإحساس نعمة».. فهل هذه الحكمة ما زالت صالحة حتى اليوم؟.. نظرياً يظل الإحساس نعمة فى كل زمان ومكان، فالإنسان إنسان بإحساسه، إن المخلوقات الأدنى منه تشعر وتحس، فما بالك بالمخلوق الذى منحه الله العقل، والقدرة على التمييز بين الأشياء؛ حلوها ومرها، خيرها وشرها. الإنسان الذى يحس ويشعر هو وحده الجدير بوصف «بنى آدم». هذا على المستوى النظرى، كما أشرت، لكن على المستوى العملى يظل البليد معدوم الإحساس أكثر هدوءاً وسعادة من «الحسيس». فمسلك البليد فى الحياة ألا يكترث بشىء أو بشخص، فكل همه نفسه، وحتى لو تهاوى العالم من حوله، فإنه يرفع فى وجه الانهيار المثل المصرى الذى يقول: «خراب يا دنيا عمار يا نافوخى»، ويسير بعده فى الحياة متسلحاً بالمثل الآخر الذى يقول: «الجبان له نص الدنيا».

موضوع الكرامة على وجه التحديد لا يهم البليد فى شىء، بل لا يكاد يفهم لكلمة «كرامة» معنى، إنه على استعداد لأن يخلع رداء كرامته على كل عتبة حتى يأخذ ما يريد، وينال ما يشتهى. الإهانة عنده مسألة لا تهم، بل إنه يحتفى بها ما دامت تحقق له ما يرتجيه من مغانم ومكاسب. البلداء هم وحدهم القادرون على تسميم الواقع، والنجاة من سمه!. إنهم قادرون على إمراض غيرهم، وتوتير أعصابهم، وإقلاق راحتهم، وإغضابهم، وحرمانهم من حقوقهم، فى حين يسيرون هم فى طريق النجاة بجلدهم السميك، الذى يحميهم من التأثر بالأشياء والأشخاص من حولهم.

فى زماننا هذا يُلام «الحسيس» على إحساسه، غالباً ما ينصحه من حوله بالتعامل ببرود مع من حوله، وبلا مبالاة مع ما يحدث فى محيطه، حتى لا تتوتر أعصابه فتشقى نفسه أو يمرض جسده، وهذه النصيحة تصدر فى الأغلب من محبين عركوا الحياة، ودلتهم تجاربهم فيها أن لـ«الجبان» -بالفعل- «نص الدنيا»، وأن البليد هو الأوفر صحة وهدوءاً واستقراراً، وأن الواقع يفرض نفسه فى النهاية، وأنه ينتصر للبلداء ويسحق «الحسيسين».

رغم ذلك يظل الإحساس نعمة مهما كان ثمنه ومهما كانت عذابات صاحبه.. فالإحساس هو البوابة الوحيدة التى يمكن أن يلج الإنسان منها إلى عالم إنسانيته.

د. محمود خليل – الوطن نيوز
fb97c93183.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر الحسيس والبليد لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا