الارشيف / اخبار العالم

"ما بعد" جدل ردّ "حزب الله"... حرب الاستنزاف تعود؟!

لا تزال عملية "يوم الأربعين" التي نفّذها "حزب الله"، واستهدفت بحسب ما قال قاعدة غليلوت الاستراتيجية، القريبة من تل أبيب، ردًا على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل نحو شهر، تتصدّر الاهتمامات في الداخل والخارج، وسط تبايناتٍ لافتة في مقاربتها، انعكس جدلاً لم ينتهِ فصولاً بعد، بين من اعتبرها "محدودة وشكليّة"، ومن رأى فيها "نقطة فاصلة" في مسار الصراع المفتوح منذ الثامن من تشرين الأول الماضي.

لكنّ الثابت الذي يتقاطع عليه الجميع بشكل أو بآخر، بعد أيام على العملية، رغم كلّ التباينات، يبقى أنّها أبعدت "شبح" الحرب الإقليمية الشاملة، التي كان البعض قد أطلق "العدّ العكسي" بانتظار صافرة بدايتها، ولو أنّ الردّ لم يكن أكثر من "دفعة على الحساب"، بانتظار ردودٍ أخرى مفترضة، خصوصًا من إيران، على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والذي تصرّ طهران على أنّه آتٍ في الوقت المناسب.

وإذا كان "حزب الله" بتسديد ردّه "الأولي"، الذي لن يكون استكماله قريبًا، في حال تقرّر أنه غير مُرضٍ للقيادة، وبالتالي غير كافٍ لطيّ الصفحة، نأى بنفسه وبالساحة اللبنانية عن سائر الردود المفترضة، إن وقعت، فإنّ ردّه الذي تنفّس معه الكثيرون الصعداء، لم يغلق عمليًا صفحة "المعارك" مع الجانب الإسرائيلي، في ظلّ تمسّكه بفكرة "الترابط" بين جبهة الإسناد المفتوحة في الجنوب، والحرب الإسرائيلية التي تقترب من إكمال شهرها الحادي عشر على غزة.

وخير دليلٍ على ذلك أنّ الساعات الثماني والأربعين الماضية حفلت بالتطورات الميدانية على طول الجبهة، حيث عاد "حزب الله" إلى عملياته العسكرية الروتينية ضد مواقع ومبانٍ عسكرية إسرائيلية، فيما واصلت تل أبيب قصف البلدات والقرى الجنوبية، بالتوازي مع استمرار نهج الاغتيالات، على وقع المزيد من التهديدات الإسرائيلية بإنهاء الوضع القائم، فهل يعني ذلك عودة حرب الاستنزاف بين الجانبين إلى سابق عهدها، وأيّ شكلٍ يمكن أن تتّخذه؟!.

في المبدأ، يقول العارفون إنّ الفصل الذي أعلنه "حزب الله" منذ اليوم الأول للهجوم على الضاحية، بين الردّ "الحتميّ والبديهيّ"، وسير المعارك على خطّ "جبهة الإسناد" في الجنوب، والذي ترجمه سريعًا باستعادة وتيرة العمليات الروتينية، لا يزال قائمًا، ما يعني أنّ فرضية "إغلاق صفحة الردّ"، ولو فهمها البعض طيًّا لصفحة "الحرب" بمعناها الشامل والواسع، لا تعني "إغلاقًا مطلقًا" للجبهة، التي سبق أن حدّد الحزب "شرط" إنهائها.

بهذا المعنى، فإنّ لا شيء تغيّر أو سيتغيّر في مقاربة "حزب الله" للجبهة المشتعلة جنوبًا، فالعمليات والمعارك فيها مستمرّة طالما أنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مستمرّ، وهي لن تتوقف، أقلّه من جهة الحزب، إلا بانتهاء الحرب على غزة، من خلال التوصّل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في القطاع، بموجب اتفاق توافق عليه فصائل المقاومة الفلسطينية، وتجد أنّه يلبّي متطلباتها، علمًا أنّ الحزب سبق أن أكد أنّه سيقبل كلّ ما توافق عليه الفصائل.

انطلاقًا من ذلك، يقول العارفون إنّ كلّ الجدل القائم في الداخل اللبناني حول ردّ "حزب الله" يبقى بلا تأثير على سير المعارك، إذ لا يهمّ حسم ما إذا كان الردّ قويًا أو ضعيفًا، أو شكليًا أو مؤثّرًا، أو محدودًا أو واسعًا، أو حتى إذا كان الهدف منه عدم الذهاب إلى حرب شاملة أم لا، لأنّ المعارك مستمرّة بمعزل عن كلّ هذه التفاصيل، ولو أنّ الدائرين في فلك الحزب يعتبرون أنّ بعض المواقف التي حاولت التشويش على الردّ، تضرّ بأصحابها ولا تنفعهم.

لكن إذا كان محسومًا أنّ ردّ "حزب الله" لن يغلق جبهة الإسناد، المرتبطة عضويًا بالحرب على غزة، والتي لا يبدو أنّ نهايتها اقتربت في ظلّ التعثّر المستمرّ على خط المفاوضات، فإنّ هناك من يخشى أن يكون ما بعده على مستوى هذه الجبهة مختلفًا عمّا كانت عليه الحال في ما سبق، إذ هناك من يعتقد أنّ الجانب الإسرائيلي قد يرفع من مستوى الاستنزاف ووتيرته، خصوصًا بعدما "ضمن" أنّ الحزب يرفض الذهاب إلى الحرب، تحت أيّ ظرف من الظروف.

وإذا كانت تطورات الميدان في الأيام الأخيرة بقيت "محدودة" إلى حدّ ما، من دون أن تعكس تغييرًا حقيقيًا في قواعد الاشتباك التي كانت معتمدة سابقًا، فإنّ الآراء لا تبدو متقاطعة في هذا الجانب، ففيما يرى البعض أنّ "حزب الله" استطاع من خلال عمليته الأخيرة، وما سبقها من فيديوهات تعمّد نشرها في الآونة الأخيرة، أن يتفوّق على مستوى الردع ويفرض معادلاته، ثمّة من يرى في المقابل، أنّ إسرائيل تستعدّ لمرحلة جديدة ومختلفة من "الاستنزاف".

وتندرج في هذا السياق بعض التهديدات التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين في أعقاب ردّ "حزب الله"، فعلى الرغم من أنّ هؤلاء أعفوا أنفسهم من الردّ على الردّ، باعتبار أنّ الضربة الاستباقية كانت كافية، وهو ما عكس نوعًا من الإرباك بالنسبة لكثيرين، إلا أنّهم في الوقت نفسه، لم يتردّدوا في رفع السقف، عبر التلويح بالمزيد من التصعيد، وصولاً لحدّ ضرب "أي مكان في لبنان" يشكّل "تهديدًا لإسرائيل"، وفق منظور تل أبيب بطبيعة الحال.

ولعلّ كلام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبدو لافتًا في هذا الإطار، خصوصًا لجهة قوله إنّ إسرائيل لم تقل "كلمتها الأخيرة" بعد، واعتباره أنّ ما جرى كان "خطوة أخرى نحو تغيير الوضع في الشمال، وإعادة سكاننا بسلام إلى منازلهم"، وخصوصًا عبر تشديده أنّ "هذه ليست نهاية القصّة"، وهو ما فسّره البعض تهديدًا مبطنًا بالاستمرار بالتصعيد، باعتبار أنّ إسرائيل لن تقبل إلا بحلّ "جذري" للصراع، يضمن عودة المستوطنين لمنازلهم.

إلا أنّ هذا الرأي يصطدم برأي آخر، يقول إنّ "حزب الله" وإسرائيل كما تقاطعا على عدم الذهاب إلى الحرب الشاملة، عندما أعلنا كلٌ من جانبه "إنجاز العملية"، وبالتالي رمي الكرة في ملعب الآخر، تقاطعا أيضًا على العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة على خط الجبهة، أي ما كان قائمًا قبل ضربة الضاحية، وهو ما يتجلى بوضوح من خلال "الارتباك" الذي ظهر في إسرائيل، خصوصًا مع اللجوء إلى المبالغة في محاولة إفراغ ردّ "حزب الله" من مضمونه.

في النتيجة، توحي كلّ المعطيات أنّ ردّ "حزب الله" لم يغلق صفحة "الحرب الشاملة" التي لاح شبحها في الأفق فحسب، بل أعاد الأمور عمليًا على الأرض وفي الميدان، إلى واقع ما قبل ضربة الضاحية، بمعزل عن الضجيج الذي قد يُسمَع هنا أو هناك. إلا أنّ ذلك لا يعني بطبيعة الحال أنّ السيناريوهات باتت فعلاً "مقفلة"، فكلّ شيء يبقى واردًا طالما أنّ المفاوضات لم تنجح، بما في ذلك خطر الحرب الإقليمية التي تتشابك أسهمها بين ارتفاع حينًا وانخفاض أحيانًا!.

كانت هذه تفاصيل خبر "ما بعد" جدل ردّ "حزب الله"... حرب الاستنزاف تعود؟! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا