فن ومشاهير

بليغ حمدى الموسيقار المبهر

ياسر رشاد - القاهرة - لا يصنع كل موسيقار فى سلم مجد الموسيقى كل شىء، وعلى هذا النهج ظهر الموسيقار بليغ حمدى من بعد ما ظهر موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وفنان الشعب سيد درويش، فأضاف إلى هذا السلم مجدا جديدا، من بين طرق بليغ حمدى فى مواصلة مجد الموسيقى أنه غاص فى عمق الشعبيات، فقدمها خيرا مما كانت عليه وأكثر جمالا وأعمق فنا، من نماذج تلك الأغنيات: «على حسب وداد، الحنة، ميتى أشوفك، طاب واستوى» ثم واصل بليغ تقديم شعبيات لا تعتمد على تيمة شعبية مألوفة ويعيد تقديمها بل كان يخلق التيم الشعبية الجديدة لتنضم منذ تلحينها وظهورها إلى قائمة الألحان الشعبية التراثية كأنها جزء من هذا التاريخ كنا نجهله، فقدم «عدوية» لمحمد رشدى و«مغرم صبابة» و«ع الرملة» و«طاير يا هوا» و«لو عديت» وقائمة أخرى كثيرة غناها المطرب الشعبى محمد رشدى.. واتجه الفنان عبدالحليم حافظ إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فقدما الشعبيات من خلال شركة «صوت الفن» التى كانا يمتلكانها، وبدأ بليغ فى تلحين شعبيات لعبدالحليم حافظ وكان من نتاجها أغنيات: «سواح، جانا الهوى، زى الهوى، على حسب وداد».

وصارت روح الشعبيات تتغلغل حتى فى الأغنيات غير الشعبية بعدما لحن موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أغنية «انت عمرى» لأم كلثوم والتى تجلت فيها بعض «كوبليهات» ومقاطع شعبية، فأعاد بليغ تقديم الكنز التراثى الشعبى المصرى وواصله فى ألحان جديدة فأثرى بذلك عالم الموسيقى والغناء، وجدير بالذكر أن نذكر هنا شهادة الملحن عبدالمقصود على عن الموسيقار بليغ حمدى وكان الفنان عبدالمقصود على أستاذا لبليغ حمدى فى بداية مشواره حيث كان بليغ عضوا فى فرقة الفنان عبدالمقصود فقال عنه: «بليغ نضج مبكرا بينما مازلت أذكر له أغنية «غريب الدار» أكثر أغنية كان يجيد غناءها ثم واصل وتقدم هذه شهادته وواصل بليغ مشواره مع التلحين بادئا بسيدة الغناء العربى أم كلثوم التى قدمه إليها الفنان محمد فوزى، فلحن لها أغنيته الأولى «حب إيه» ثم «أنساك» التى كان قد بدأها الموسيقار زكريا أحمد.

ثم واصل بليغ تلحينها فكان يرتفع باللحن كلما مرت الجمل الموسيقي وتعاقبت المقاطع اللحنية ولحن لها كذلك «سيرة الحب» و«ألف ليلة وليلة» و«فات المعاد» و«كل ليلة وكل يوم» و«الحب كله».. كما كانت لبليغ ألحان وأغانٍ اجتماعية وحكايات حب مع الطربة وردة التى لحن لها «ده كان، مالى، العيون السود، لو سألوك، اشترونى»، وكذلك الأمر مع المطربة نجاح التى لحن لها «الطير المسافر، ليلة من الليالى، فى وسط الطريق، أنا باستناك».

كما لحن لـ«العزبى» «بهية»، و«تتاقل بالمال» لسوزان عطية و«أنا م البلد دى» للمجموعة طارق فؤاد وأنغام ووائل سامى، فكانت نماذج من أفضل أعمالهم الغنائية.

وقدم «يا حبيبتى يا مصر، أحلى كلام» وأغانى «ريا وسكينة» لشادية و«قمر 14» لعايدة الشاعر، فلا يكاد يلحن حتى يبهر بألحانه وما كنا لنتصور ألحانه لعبدالحليم حافظ مثل «موعود، حاول تفتكرنى، جانا الهوى، تخونوه» وكان أول لقائهما لو لم يكونا قد التقيا فى ألحان.

فقد كان بليغ يمتلك جملا لحنية قادرة على جذب الجماهير وكان يقدم الأغنيات الدرامية الخالقة للشجن فى قلوب الجماهير مثل أغنياته لميادة الحناوى «الحب اللى كان» و«مش عوايدك» إلا أنه رحمه الله طارده الاكتئاب بسبب التغريب عن مصر وعلى حد وصف المطربة وردة له بعد عودته قائلة: «لقد عاد نصفه»، وما كاد يبتهج بعد تحسن حالته الصحية فى أيامه الأخيرة حتى انتكست بسبب خطأ فى الدواء لدى أطباء فى لندن.

رحم الله بليغ حمدى الذى أمتعنا وأهلنا بألحانه التى لا ينطفئ وهج جمالها.

Advertisements

قد تقرأ أيضا