الارشيف / اخبار الخليج

تشكيل "المقاومة الشعبية".. هل يجر السودان إلى حرب أهلية؟

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

دبي - محمود عبدالرازق - فهل تشكيل المقاومة الشعبية يقود السودان إلى الحرب الأهلية أم إنهاء الاقتتال مع الدعم السريع؟

بداية يقول د. محمد مصطفى، رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان، إن تسليح المواطنين تحت أي مسمى غير الجيش النظامي ستكون عواقبه كارثية على الدولة، حتى وإن كان ظاهر المسمى وطني وشعاره حماية البلاد.
الفوضى العارمة

وأضاف في حديثه لـ"الخليج 365"، من المعلوم أنه في كل دول العالم هناك قوات مسلحة مدربة ومؤهلة تصرف من ميزانية الدولة في التسليح والتدريب والتأهيل والتسيير، وواجباتها حماية حدود الوطن ومصالحه ومكتسبات شعبه، وإذا دعت الضرورة لتجنيد أي عدد إضافي هنالك قانون وقنوات محددة يتم عبرها إستقطاب المستجدين لتكملة أي نقص وسد أي ثغرة أو فجوة تظهر في أي قيادة أو وحدة.

وأشار مصطفى، إلى أن دعوات تسليح المواطنين بطريقة عشوائية كهذه (المقاومة الشعبية)، سيفتح شهية أي مجرم ليمتلك سلاح لاستخدامه في أغراضه الخاصة، كما أنه هناك من يريد استخدام السلاح لتصفية حسابات خارج نطاق الحرب المعلنة، ومنهم من يريد استخدامه لهدف عنصري وبالتالي عملية التسليح هذه قد تكون فرصة كبيرة لإشاعة فوضى عارمة في كل السودان.

وشدد مدير المركز العربي، على أن توزيع السلاح بهذه العشوائية قد يكون مدخلًا لتمدد الطرف المستهدف بصورة أسرع، لأن أغلب المسلحين لا يعرفون استخدام السلاح ولم يخوضو معركة من قبل، لذا يمكن أن يكونوا فريسة سهلة ومشروع غنائم للدعم السريع المتمرس في حرب العصابات، فالحركة السريعة والخاطفة للدعم السريع قد تربك حسابات المستنفرين أو على الأقل جزء منهم، وعندما يرتبك جزء من أي قوة سوف يكون سببًا لهزيمة باقي القوة.

الحرب الأهلية

ولفت مصطفى، إلى أن جهل غالبية المستهدفين و المستنفرين بأبجديات الحرب قد يكون سببا لحدوث خلل وربكة أثناء المعركة مما يعجل بهزيمتهم، لذلك نرى أن التسليح العشوائي قد يكلف الجيش خسائر أكبر وقد يدخل البلد كلها في دوامة حرب أهلية، لأن هؤلاء المستنفرين حتمٱ سيصبحون فصائل عديدة مختلفة الأجندات والمطامع.

خطوة لوقف الحرب

ويختلف د. ربيع عبد العاطي، المحلل السياسي السوداني، مع الرأس السابق بقوله، أنا لا أرى أن (المقاومة الشعبية) تمهيد أو طريق نحو الحرب الأهلية، بل هي مقاومة وكانت هناك تجارب في الماضي شبيهة بتلك الخطوات، عندما كان هناك الدفاع الشعبي الذي تمادى له كل أبناء السودان بمختلف مستوياتهم من العامل وحتى الطبيب والمهندس والأستاذ الجامعي وحتى الوزير، وقدموا شهداء في جنوب السودان.

قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان - الخليج 365 عربي, 1920, 31.12.2023

وأضاف في حديثه لـ"الخليج 365"، ولولا تلك التضحيات الغالية في جنوب السودان، والتي استشهد في سبيلها وفي سبيل ذلك العمل الذي قام به الدفاع الشعبي لما جلس جون قرنق للتفاوض وكان الموقف ضعيفا جدا، مع العلم بأنه كان في موقف قوي جدا إبان حكم الصادق المهدي (1986-1989)، حيث فقد الجيش السوداني الكثير من المدن وكان قرنق يحلم بحكم السودان وتساقطت المدن تلو الأخرى.

وأشار ربيع، إلى أن الدفاع الشعبي هو الذي دعم الجيش السوداني خلال تلك الفترة السابقة، وكان يتكون من المدنيين والطلاب ومن الذين تخرجوا في الجامعات من الذين كانوا على منصات التدريس، وكانوا أطباء في المستشفيات، جميعهم تركوا هذه المهن التي يكتسبون من ورائها وذهبوا إلى جنوب السودان وبلغ عدد الضحايا أكثر من ثلاثين ألف من المواطنين، وعندما انتهت الحرب في الجنوب وتوقيع الاتفاق، لم يصر هؤلاء على أنهم قد حملوا السلاح، وإنما سلموا سلاحهم، لأنهم أصلا كانوا دعما للجيش السوداني.

ويرى المحلل السياسي، أن المقاومة الشعبية ليست الخطوة الأولى نحو الحرب الأهلية كما يردد البعض، بل هى الخطوة الأولى والأخيرة لإنهاء التمرد جملة وتفصيلا، وأن تجارب أهل السودان في وقوفه مع الجيش السوداني لا تعني بأن حمل السلاح من قبل الشعب هو عبارة عن بذرة لتمرد جديد، هذا ما أعتقده وفق التاريخ والحقائق التي على الأرض، نظرا لطبيعة أهل السودان وقدرتهم على المقاومة والوقوف سندا للجيش السوداني.

وأكد عبد العاطب، أن المقاومة الشعبية هي التداوي أو البلسم الشافي للقضاء هذه العصابات وطردها من منازل المواطنين، لأن الحرب الأن لم تعد حرب بين جيش وجيش، بل هى مسألة أمنية والأمن هي مسؤولية الجميع، واعتقد أن هذه خطوة موفقة جدا للقضاء على هذا التمرد وفرض الجوانب الأمنية واستتباب الأم، وهي كذلك دعوة لكي يعود المواطنون إلى ديارهم وممارسة حياتهم الطبيعية، وهذه هي المرحلة الأخيرة من مراحل هذا النزاع وتلك الحرب.

وقال البرهان، في كلمة له، إن "ميليشيا الدعم السريع تواصل تدمير السودان"، مؤكدا أن "الطريق لوقف الحرب واحد وهو خروج الدعم السريع من ولاية الجزيرة وبقية مدن السودان"، حسب وكالة الأنباء السودانية سونا.

ووجه الشكر إلى "جهود أشقاء السودان وبعض جيرانه الذين يعملون معنا لأجل سلامة السودان"، مشيرا إلى أنه مع "دعوات وقف الحرب بالسودان وبحث سبل حل الأزمة".

وتتواصل، منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة واسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة بالسودان.

الصراع في السودان - مدينة الخرطوم - الخليج 365 عربي, 1920, 31.12.2023

واتفق طرفا النزاع عدة مرات على وقف إطلاق النار، لكن لم يتم الالتزام به.

واتضحت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للعلن بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.

واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع تمرداً ضد الدولة.

وتسببت المعارك في سقوط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح، فضلا عن نزوح الملايين داخل السودان وخارجه.

Advertisements