التقيت الأسبوع الماضى ببعض الصديقات اللاتى تعدت سنهن الخمسين من العمر.

كل واحدة منهن عاشت تجربة خاصة اكتسبت منها خبرة وحكمة، وقررن أن يلتزمن بها فيما تبقى من العمر. قررت أن أنقل لكم بعضها لعل كلًا منكم يختار ما يناسب أفكاره وقدراته النفسية.

قالت سيدة: تعلمت من الحياة أن أعيش اللحظة التى بين يدىّ مع الأشخاص الذين يعيشون معى الآن!

لقد عشت حياتى كلها فى حالة انتظار: انتظار عندما يكبر الأبناء لكى أمارس هواياتى، انتظار عندما تتحسن الظروف لأشترى ما أريد، انتظار أن أستطيع ادخار مبلغ من المال، انتظار الشتاء، انتظار الصيف، انتظار المحيطين أن يهتموا بى.

فنحن نعيش دائمًا فى حالة انتظار، وننسى أنه فى حالة الانتظار العمر يمضى، ينقص ولا يزيد، والأبناء الذين ننتظرهم ليكبروا، قد كبروا ولم يعودوا صغارًا، ونحن أيضًا قد كبرنا معهم، والناس من حولنا ينقصون، إما بالرحيل وإما بالبُعد!.

حالة الانتظار الدائم تُنسينا أن لحظات الانتظار محسوبة من عمرنا، واللحظة التى لا نعيشها محسوبة علينا.. الوقت يمر ولا ينتظر أحدًا.

يجب أن نعيش اللحظة التى بين أيدينا، لأن الوقت لا يعود.

أما السيدة الثانية فقالت: أصبحت لا أقول لو حدث ذلك فلا يمكن أن أتحمله.

كنت دائمًا أقول لو بابا مات سوف أموت، ولكن الحقيقة أنه عندما فارقنا أبى، قوانى الله وسندنى، ومازلت أعيش حتى الآن بدونه.

كله يمر وربنا هو الذى يقوينا، ويجب أن نساعد أنفسنا ونقوى أنفسنا ذاتيًّا.

التجربة الثالثة حكتها سيدة سافرت إلى المانيا، دون أن تعرف اللغة الألمانية. وكان لها جارة ألمانية تبلغ من العمر ٧٥ سنة، كانت تحاول أن تتحدث معها لتلتقط منها بعض الكلمات الألمانية.

فهمت منها أنها كانت عارضة أزياء، ولكى تحافظ على رشاقتها كانت تحرم نفسها دائمًا من أنواع الطعام التى تشتهيها، فحاولت السيدة المصرية أن تقول لها إن الريجيم الدائم مستحيل! فكان ردها الحاسم: من يرد أن يكون جميلًا لابد أن يعانى.

من يرد أن يصل إلى هدف معين ليس له أن يتأفف: الأم تعانى من آلام الولادة لتخرج فرحة جديدة فى الحياة، والحديد يجب صهره ليصبح ذا فائدة.

كل معاناة فى الحياة تخرج أفضل ما فينا، يجب أن نعانى فى الحياة لكى نزداد تألقًا وخبرة.

المعاناة قرار يمكن أن نراها نعمة أو نراها نقمة.. والواقع أنها نعمة لأن رب الخير لا يأتى إلا بالخير.

صفية مصطفى أمين – المصري اليوم