اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

البر والبحر سر الشخصية المتميزة للقطريين جيلاً بعد جيل

  • 1/2
  • 2/2

يرتبط الإنسان بأرضه في كل مكونات شخصيته، وكما يقولون بأن الإنسان ابن بيئته، أو أن الإنسان جغرافي بطبعه، فمنذ أن يعي يدرك مكونات محيطه الجغرافي، من هواء يتنفسه وماء يروي عطشه وضياء ينير دروبه… ولا نعني هنا بالبيئة الطبيعية من حوله فحسب، بل بكل مكونات أرضه من مقومات بشرية من تنوع عرقي وديني وموارد ونشاط اقتصادي وتجمعات حضرية، وخاصة مع تقدمه بالعمر، والتي تنتهي إلى حركته التاريخية الحضارية في شتى المجالات.

ففي أصل الوصل والارتباط الجغرافي بين قطر والقطريين، كانت الجغرافيا البرية هي المؤثرة أولاً على أنشطة الإنسان وتصرفاته واستقراره العابر على أرض قطر، وذلك بسبب الاعتقاد غير الودود للعرب بصورة عامة مع الجغرافيا البحرية. فكانوا يهابون البحر ويبتعدون عنه، حتى وصفوه ببحر الظلمات، وكذلك كان القطريون في الأصل. فقد اكتفوا واقتنعوا بما تمنحهم الأرض في مواسمها المختلفة، فيتنقلون فيما بين الأرض والأرض بما يملكون من عدد بسيطة وخيام الشعر ومتاع قليل، وقد أصبحوا خبراء باتجاهاتها وامتداداتها بين العلو والدنو، فأصبحوا أشهر الناس بمعرفة الصحاري بأشكالها وصفاتها، ورياحها وأعشابها ودروبها ومخابئها وكهوفها وحزومها ورياضها ورمالها وصخورها ومنابع مياهها، وتمعنوا في أحوال سمائها بشمسها وقمرها ونجومها ليلاً ونهاراً، بل في صيفها وشتائها. وعرفوا في السماء أسرار طيرها وصقرها، وسحبها ورعدها وقطرها ومزنها. وفي دروب البر ظبيها وضبها. وقد استعان القطريون في سبيل معرفتهم بأرضهم، بعد الله، بالإبل، سفن الصحراء، أبيضها وأصفرها وأحمرها، أبكارها وقعودها ونوقها التي عرفوا عنها أسرارها وطباعها، وما يحزنها وما يسعدها، فوجدت فيهم الأم الحنون، فصبرت على معاناتها لأجلهم. فتعلم القطري ما تعلم من البر في ليله ونهاره وعلى مدار العام بمواسمه المتعددة، فنضج فكره وأصبح جلداً جاداً، ابن صحراء تعلم رغما عنه فتكيف أيما تكيف. ولكن، بمرور الزمن وتحول سكانها إلى الاستقرار المبدئي بعد عشقهم لأرضها، والتحول من حالة البداوة المتنقلة إلى درجة من الاستقرار، بدأوا حينها في التعرف على الجغرافيا الساحلية. وبتدرج، كما في الحالة البرية، مشى القطريون على شواطئها الهادئة برمالها الذهبية وبأمواجها الموسيقية التي تريح النفس وتثلج الصدر، إلى المياه القريبة التي ما عادت تخيفهم، إلى أن تجرأوا لبلوغ الأعماق البعيدة منها، فعرفوا جزرها وفشوتها ومغاصاتها وهيراتها. فعرفوا الأسرار وخفت فيهم الرهبة، فدبروا أمورهم مع البحر بإبداع. فلم يعد البحر مخلوقاً محيراً ومخيفاً، بل أصبحوا والبحر أصدقاء وأحباء. وأطفال قطر لم تعد أحلامهم المخيفة عن البحر يرهبهم، بل كانوا مع دخول الفجر، وقت الصلاة لشكر الله، قد أفاقوا ليطلبوه ليقترب منهم، وإن لم يأت، قاموا يستعدون كيدٍ واحدة لسحبه كالبساط نحوهم، فما كان إلا أن يستجيب. وأعطى القطريون بحرهم محبة من القلب فمدحوه، وتغنوا باسمه بأحلى الألحان وحكوا عنه ما يحكى من كلام رقيق من شعر مصدره أعماق القلب، فأعطاهم أنقى اللآلئ فأطلقوا عليها أحلى الأسماء، بعد أن أعطاهم طعامه اللذيذ من قريب، رزقاً من الله، بمئات الأنواع من الأسماك، ميزوا بين اللذيذ والألذ منها، وسكوناً للحزانى منهم في أحيان ولكنهم لم يسخطوا، فشكروا فزادهم المولى من نعمه دون أن يتخيلوا، لأنهم صابرون. فازدادوا معرفة به كما عن برهم، فامتلأت صفحات حياتهم بناء على جغرافية بلادهم بما يعينهم على استمرارية الحياة وديمومتها دون فراق.

فتمازجت الجغرافيتان البرية والبحرية عبر الأجيال في تكوين شخصية عرب قطر، بحبهم لكلتيهما وتفانيهم في الحفاظ على هويتهم الاثنتين، فتكونت جغرافية قطر. وعلى الرغم من التحديات التي كانت تجابههم عبرها، ولكنها كانت تأتيهم باردة على قلوبهم ونفوسهم، فإن حزنوا برهة على مصاعبها وأهوالها، عادوا إلى وعيهم وجددوا حبهم لها برها وبحرها، وهكذا استمروا ولا يزالون، وكانت النتيجة أن أعطت الجغرافيتان خيراتهما لأهل قطر من باب التقدير لهم، فهم أهل وفاء يستحقون كل خير.

هذه الشخصية القطرية التي صقلتها جغرافية بلادهم جعلتهم بمرور الوقت، كما نعيشها في الحاضر نحن هذا الجيل وبإذن الله في المستقبل، وكما يقر جميع من سطر حروفاً عنهم، ويشهد القاصي قبل الداني أنهم بلا غرور، أهل عطاء وكرم ومحبة وعون وتجميع لا تفريق ولا إلى الظلم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، في جغرافيات أكثر اتساعاً وبشر أكثر تنوعا وأحداث أكثر قسوة لتحقيق جغرافية عالمية أكثر هدوءاً، كما يتطلع إليها الخيرون الأحرار من سكانها، كما عرب قطر.

أ.د. نظام عبدالكريم الشافعي – الشرق القطرية
acefc50463.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر البر والبحر سر الشخصية المتميزة للقطريين جيلاً بعد جيل لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا