لايف ستايل

الامارات | أسئلة «الصحة النفسية» بين «ثقافة العيب» والجرأة على العلاج

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

شكرا لقرائتكم خبر عن أسئلة «الصحة النفسية» بين «ثقافة العيب» والجرأة على العلاج والان نبدء بالتفاصيل

الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - تبقى المشكلات النفسية على الرغم من أنها ليست عضوية تماماً، جزءاً من صحة الجسد، فالنفس مثل البدن لها حق الرعاية والعلاج والاطمئنان عليها من وعكات عابرة أو مقيمة، لكن «ثقافة العيب» التي طالت هذا الجانب لعقود طويلة تجعل الكثيرين يصبرون على المعاناة مقابل ألا يعرف أحد - حتى الطبيب - ما يواجهونه.

هذه الثقافة بدأت أخيراً في الانحسار لصالح الوعي والفهم، وهنا أكد مواطنون ومقيمون لـ«الإمارات اليوم» أهمية التوازن النفسي في تعزيز قدرتهم على التعامل بفاعلية مع ضغوط الحياة وتحدياتها، ودفعهم نحو اتخاذ القرارات الصائبة، ورفع إنتاجيتهم وقدرتهم على الإبداع، فيما أشار مختصون إلى أن مؤشرات هذا الوعي مازالت متعثرة ومرهونة بـ«المبادرات الشخصية»، والتنشئة الأسرية، ومحدودية نظرة المجتمع للمشكلات النفسية التي يعتبرها كثيرون إلى اليوم «وصمة عار»، رافعين شعار التوعية العامة بآثارها، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الصحة الجسدية وسلامة المجتمع.

حق النفس

تحمّس الإماراتي هزاع الشحي لوصف النضج الذي بات يلمسه اليوم بين فئات الشباب، ووعيهم المتزايد بصحتهم النفسية قائلاً: «نسبة كبيرة من الشباب الإماراتي اليوم باتت منفتحة بفضل الوسائط الاجتماعية، على هذا الجانب المهم من الصحة العامة للمجتمع»، مضيفاً: «استناداً إلى تجربتي الشخصية، أعتبر أن الروابط الروحانية التي تجمع الإنسان بخالقه، إحدى أكبر الركائز التي توفر لي الطمأنينة والرضا عن النفس، تدعمها بالطبع بيئة العائلة الدافئة التي توفر روابطها المتينة شعوراً بالتوازن العاطفي والقوة لمواجهة تحديات الحياة».

وأضاف: «أهتم بالتوقف للتحدث إلى ذاتي أحياناً، كما أقدّر (نعمة الاختلاف) للانفتاح على تجارب الآخرين والتفاعل معهم، وبناء علاقات مثمرة ترقى بالفكر والروح وتجدد الطاقة»، مشيراً إلى قيمة العناية بكل جانب من هذه الجوانب لتحقيق التوازن النفسي وتجنّب التخلي عن أحدها، لما قد يسببه ذلك من تشتيت وضغط أو حرمان، مؤكداً بالقول: «لنفسك عليك حق».

مفاتيح الحياة الصحية

من جهتها، رأت عضو مجلس عجمان للشباب، الإماراتية أسماء الشامسي، أن «الوعي المجتمعي بأهمية الصحة النفسية تنامى أخيراً، في ظل ما تشهده هذه الموضوعات اليوم من تغطية أكبر في منصات الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي التي باتت مهمة لرفع الوعي، وإطلاق النقاشات المفتوحة، هذا إلى جانب العديد من الحملات والمبادرات المجتمعية والبرامج التعليمية الهادفة إلى نشر المعرفة والتوعية بين الأجيال الشابة».

أما على الصعيد الشخصي، فأكدت الشامسي حرصها على تجسيد هذا الوعي المجتمعي عبر توخي نمط حياة صحي، والالتزام بممارسات يومية تساعدها على تحسين مزاجها وتقليل التوتر، مثل التمارين والتغذية السليمة، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة التأمل و«اليوغا» والتواصل الاجتماعي المثمر مع الأصدقاء والعائلة، وصولاً إلى ممارسة هواياتها المفضلة التي ترفع مؤشرات السعادة، والتفكير الإيجابي الذي يحسّن نظرتها العامة للحياة.

«رأس المال البشري» أولاً

واستناداً إلى تجربة إدارته لمجموعة من «رأس المال البشري» في بيئة الأعمال التي يديرها، قال الإماراتي أدهم الخاجة، إن «الصحة النفسية قد تكون أحياناً أهم من الصحة الجسدية، لأنه إذا تعطلت الروح تعطل العقل وغابت القرارات الصائبة، وبات النجاح حلماً بعيد المنال»، مشيراً إلى انكبابه على مبادرات وشراكات مع مختصين لرفع معنويات موظفيه، ودعم صحتهم النفسية التي يراهن عليها لرفع إنتاجيتهم وتحقيق الرضا المهني. وتابع الخاجة: «بعد أزمة الجائحة، ظهرت تداعيات نفسية بالجملة على الناس حول العالم، لذا أتجه حالياً في العمل إلى كسر حواجز التراتبية، ومحاولة الإصغاء إلى حاجيات الموظفين لملامسة أهدافهم وأحلامهم المهنية، وتنظيم برامج ترفيهية ورياضية تجمعنا خارج بيئة العمل، ولا أخفي أنني بدأت أتلمس أثرها الرائع في نفسيات الجميع هنا»، موجهاً أصحاب الأعمال إلى المراهنة على الإنسان أكثر من الأرباح.

وصمة عار

وعلى الرغم من زيادة الوعي المجتمعي بأهمية وقيمة الصحة النفسية، وبروز ذلك عبر اهتمام عدد متزايد من المختصين بنشر فيديوهات توعوية على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الأمر مازال حبيس الرؤية الضيقة عند كثيرين و«ثقافة العيب» و«وصمة العار» التي أكدت الإماراتية حنان السماك، المدربة المعتمدة في تطوير الذات، ضرورة وأهمية تجاوزها، باعتبارها عقبة في طريق الصحة. وقالت: «مقارنة بالعام الماضي زاد الوعي بأهمية الصحة النفسية من قبل فئات وشرائح أوسع من الجمهور، ليصل إلى أغلب الفئات العمرية، وفئات المجتمع من مديرين وموظفين وطلاب جامعيين، لكن مازالت الضغوط النفسية من أكبر المشكلات التي تواجه الفرد في المجتمعات العربية»، موضحة: «من خلال تجربتي في هذا الإطار، يعد الضغط النفسي أحد أكثر المشكلات التي تواجه الشباب في المجتمع، ويتحمل جزءاً منه الوالدان اللذان يمارسان - بنسب ومستويات معينة - ضغوطاً عدة على أبنائهم، تراوح بين الرغبة الجامحة في التميز وحظوظ الزواج وتكوين الأسرة، والخيارات المهنية، فيما يسعى الأبناء إلى إرضائهم بكل السبل، ما يقلل مستوى تقدير الذات لديهم، وتعرضهم أكثر للاكتئاب والحزن والأمراض النفسية لاحقاً».

رهانات التنشئة

وتتفق الدكتورة شيرين موسى مع الطرح الذي قدّمته حنان السماك، من ناحية تطور الاهتمام بالحياة النفسية ونجاح العديد من المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة في تبني مفهوم الصحة النفسية والتنمية المستدامة، في إطار السعي إلى تحقيق التقدم الشامل والمستدام في مختلف جوانب الحياة، مؤكدة أنه «من المهم التعويل على المبادرات الشخصية للأفراد للوصول إلى المعلومة الصحيحة وتبنّيها، وتطوير المعارف والمهارات الشخصية التي تضمن الوصول إلى هدف الراحة النفسية اعتماداً على التجارب والجوانب الشخصية الخاصة بكل فرد».

وأضافت: «أعتقد أن ورش ترتيب الأفكار واكتشاف الذات هي الطريق الأمثل لتجنب الآثار السلبية للاختلالات النفسية، التي أراها تبدأ من اكتشاف المهارات والمشكلات النفسية للأطفال حتى ما قبل فترة المدرسة، وصولاً إلى المستقبل، لأن هناك فرقاً كبيراً بين التربية والرعاية، والأهم هو إعداد الطفل ليصبح فرداً سوياً وسليماً في المجتمع، قادراً على التعامل مع الانفعالات والتعبير عن الذات بجرأة وحرية»، لهذا تعتبر صحة الطفل وتوازنه النفسي، حسب شيرين موسى، «مسؤولية الأهل عبر تبني سلوكيات تربوية مناسبة، تؤهله لتحقيق التوازن النفسي والتعامل مع المجتمع».

اهتمام واضح

من جهتها، توقفت فاطمة الحمادي المدربة الإماراتية المعتمدة ومؤسسة تجربة «تفكر» للاستشارات النفسية، عند أهمية الاهتمام بالصحة النفسية للأفراد، مشيرة إلى الدراسة التي أجرتها أخيراً حول هذا الموضوع. وقالت: «هناك تطور واضح في وعي أغلبية الأفراد على مستوى الدولة بخوض التجربة، وأنا هنا أتحدث عن المواطنين والعرب، من مستويات عمرية متعددة، الذين وجدوا طريقهم إلى عالم الصحة النفسية، في الوقت الذي بدأنا فيه نلاحظ - على نطاق أوسع - حرص كبريات الشركات والمؤسسات العامة على تأهيل القادة وإعداد الموظفين من الناحية النفسية، لتحقيق أهداف النجاح والتميز»، مضيفة: «يمكننا القول إن نسب زيادة الاهتمام واضحة وتصل إلى نحو 80%، مقارنة بالسنوات المنصرمة، وهذا مؤشر جيد يؤكد حرص الأفراد في مجتمع الإمارات على ضرورة إيجاد حلول للمشكلات النفسية التي تعترض مسيرتهم المهنية والإنسانية، على الرغم من أن أغلبية هذه المشكلات تنحصر في إطار مشكلات الأزواج والارتباط الأسري لدى الفتيات، وفي علاقة الآباء بالأبناء، وطرق التعامل القاسي معهم، وكذلك أعباء المسؤوليات الزائدة لدى البعض».

وحول خيار انخراطها في مجال الصحة النفسية، أوضحت الحمادي: «تخصصت في مجال البرمجة اللغوية العصبية وفي علم النفس، وصولاً إلى مجال الموارد البشرية حالياً، ما ساعدني على تأسيس تجربة (تفكر) للاستشارات النفسية التي نجحتُ من خلالها في مساعدة الكثيرين على تجاوز محنهم ومشكلاتهم الحياتية الصعبة، وأزماتهم النفسية، وصولاً إلى السلام الداخلي، اعتماداً على البرمجة اللغوية العصبية التي نتمكن من خلالها من التحكم في انفعالاتنا ومشاعرنا».


التشخيصات المغلوطة

 

أكد أخصائي الطب النفسي الدكتور بسام ضياء لـ«الإمارات اليوم» ارتفاع مؤشرات الوعي بقيمة التوازن النفسي، خصوصاً عند فئة الشباب، لكن هذا «الوعي الجديد» حسب ضياء «يعتمد في جزء كبير منه على معلومات وتوجيهات تضخّها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يفيد ويساعد، وأحياناً أخرى بشكل خطأ ومضرّ، تسوّقه صفحات أشخاص لا علاقة لهم أحياناً بالطب النفسي، ما يخلق موجات من التشخيصات المغلوطة».

أما «وصمة العار» المتصلة بالبوح بالمشكلات النفسية في مجتمعاتنا، وجرأة الأفراد اليوم لتجاوزها، فرآها حاجزاً اجتماعياً: «للأسف لم يتجاوز مجتمعنا هذا التحدي بعد، أو تجاوزه البعض بحدود معينة، والدليل هو أن عدداً من الأهالي يعلنون إلى اليوم رغبتهم في اصطحاب أفراد عائلاتهم بشرط التكتم على هويتهم، وهذا أمر متداول لأن التعامل مع الأزمات النفسية مازال يواجَه على أنه نقطة ضعف يصعب التعبير عنها بحرية، خلافاً للأعراض الجسدية التي يتم طرحها وتقبلها من قبل الناس بسهولة أكبر، وهذا خطأ لأن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة بصورة عامة، ونحن مدعوون دوماً إلى الاهتمام بالاثنين، وعدم إغفال العلاج إذا ظهرت بوادر اختلال».

اللجوء إلى المختصين

دعت حنان السماك إلى «ضرورة اللجوء إلى المختصين والالتحاق ببرامج اجتماعية ونفسية داعمة، مثل برنامج جودة الحياة، والثقة بالنفس، وخبير الإنتاجية»، ووصفتها بأنها تسهم في تحسين الصحة النفسية والتخلص من المشاعر المكبوتة التي «إن تفاقمت تتسبب في ظهور أمراض عضوية، قد يعانيها الرجال، الفئة التي أكدت أنها الأكثر عرضة لهذه النوعية من الضغوط».

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر

Share
فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
Advertisements

قد تقرأ أيضا