اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

أحفاد يحيى حقي والطيب صالح.. اللامنتمون!

«هذا الرضا عجز، وهذه الطيبة بلاهة، وهذا الصبر جُبن»، هكذا صرخ إسماعيل ابن حى السيدة زينب بطل قصة: «قنديل أم هاشم» الصادرة عام 1940 للكاتب العظيم يحيى حقى (1905- 1992)، عندما عاد طبيبًا من الغرب ليصطدم بالطرق التقليدية والخرافة فى العلاج وتعهد بأنه «لن ينكص عن أن يطعن الجهل فى الصميم طعنة نجلاء ولو فقد روحه». رجع إسماعيل محملًا بالحنين للوطن وبتفكير جديد أشعره أنه غريب بين أهله. فى النهاية حاول التوفيق بين العلم والإيمان وانحاز لأبناء وطنه ولم يغادره.

أما مصطفى سعيد بطل رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» (1966) للروائى السودانى العملاق الطيب صالح، فقد تبنى قيم المجتمع البريطانى وأصبح أستاذًا بالجامعات البريطانية وتزوج جين موريس لكن عقليته الشرقية حالت بينه وبين الاندماج، فعاش حالة انقسام بين الانبهار بالغرب والرفض له، لينتهى أمره بقتل زوجته وسجنه وعودته أخيرًا إلى السودان ليموت غرقًا ربما عقابًا على خروجه على الأنساق الثقافية والاجتماعية التى ينتسب إليها.

شغلت أسئلة الهوية ومن نحن وعلاقتنا مع الغرب، مفكرين وأدباء كثيرين من العالم الثالث خلال القرن العشرين. يقول الطيب صالح: «يا للسخرية.. الإنسان لمجرد أنه خُلق عند خط الاستواء، بعض المجانين يعتبرونه عبدًا وبعضهم يعتبره إلهًا.. أين الاعتدال والاستواء؟». ويواصل: «نحن بمقاييس العالم الصناعى الأوروبى، فلاحون فقراء، لكننى حين أعانق جدى أحس بالغنى، كأننى نغمة من دقات قلب الكون نفسه».

هل مازالت تلك الأفكار والأسئلة والمشاعر قائمة لدى عشرات آلاف الشرقيين الذين يسافرون إلى الغرب للتعليم؟ قبل أيام قرأت تحقيقًا استقصائيًّا بصحيفة بريطانية عن مئات الكينيين الذين يدرسون سنويًّا بالخارج، لكن عند التخرج يجد الكثير منهم أنفسهم فى وضع غريب.. غير قادرين على التأقلم هناك، ومع ذلك لا يرجعون لبلادهم لأنهم لم يعودوا يشعرون بالانتماء إليها. منذ القرن 19، قدمت القوى الاستعمارية تعليمًا غربيًا نخبويًا لعدد مختار من أبناء الدول التى احتلتها، على أمل أنهم سيتولون بعد ذلك الحكم نيابة عنها. المفارقة أن الطلاب رفضوا الاستعمار وهيمنته بل قادوا حركات الاستقلال ضده.

الآن، لم تعد الدراسة بالغرب نادرة. عشرات آلاف الطلاب الأفارقة والعرب والآسيويين يسافرون للتعليم هناك. وبعد التخرج، تجتذب الجامعات بعضهم للعمل ضمن الكادر العلمى، والبعض الآخر تغريه الشركات بمرتبات كبيرة ومزايا أخرى. يصبحون من أصحاب الدخول المرتفعة.

مسألة الهوية لم تعد شاغلهم خاصة مع تفاقم الفقر والأزمات الاقتصادية وعدم توافر الإمكانات العلمية فى بلدانهم الأم، فلماذا يعودون؟ إنهم يزورون أقاربهم أيامًا معدودات ثم يرجعون للغرب الذى أصبح موطنهم الجديد. لا يعنى ذلك أنهم تكيفوا تمامًا مع حياتهم الجديدة، إلا أن الفجوة بينهم وبين أوطانهم تتزايد. يشعر بعضهم أنهم غرباء. حتى الذين عادوا، يتساءلون باستنكار: لماذا عدنا، ألم يكن من الأفضل البقاء فى الغرب حيث الحياة أكثر راحة وسهولة؟!.

مصريًّا، ارتفع عدد طلاب الدراسات العليا فى الغرب. فى أمريكا مثلًا، وصل إلى 1615 طالبًا عام 2020، بعد أن كان 1281 عام 2011. هناك تقديرات برلمانية بأن هناك حاليًّا 73 ألف طالب مصرى يدرسون بالخارج.

للأسف، ليست هناك دراسات ميدانية أو بحثية عن المصريين الذين تعلموا بالغرب خلال العقود الأخيرة.. كم نسبة من عاد منهم ومن بقى هناك، وكيف ينظرون للعلاقة بين الشرق والغرب، وهل تساؤلات الهوية وصورة الآخر مازالت تشغلهم؟ مؤشرات عديدة تكشف أن الرغبة فى التقدم الشخصى وتحقيق مستقبل أفضل للأولاد وإغراءات الغرب العلمية والمالية هى العوامل الحاكمة.

«كى تتكيف مع الغرب، عليك حتمًا أن تخسر جزءًا من ذاتك»، هكذا قال الطيب صالح فى روايته الخالدة. كان ذلك فى الماضى. نحن بحاجة حاليًّا إلى رؤية جديدة لتفكيك تعقيدات علاقة الشرق بالغرب. مع هجرة آلاف العقول المبدعة والمتعلمة سنويًّا، يثور التساؤل: هل أصبح الانتماء من الماضى؟!.

عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم
4510.jpeg

كانت هذه تفاصيل خبر أحفاد يحيى حقي والطيب صالح.. اللامنتمون! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا