اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

أسباب انهيار الدول وخراب العمران

  • 1/2
  • 2/2

أتذكر حين انتهت الحرب الأهلية في إحدى دول أفريقيا أواسط السبعينيات وهي (ليبيريا) وانتصر أحد رؤساء القبائل على خصمه وأعلن نفسه رئيسا لجمهوريتها وظل يحكمها برعاية واشنطن حوالي 25 عاما منذ دخل عاصمة بلاده مؤيدا ببعض القبائل داخليا والمخابرات الأمريكية خارجيا وهو الرئيس (وليام توبمان) الذي توفي في لندن تاركا الرئاسة لنائبه (وليام تولبير) ثم ذات ليلة سوداء (أبريل 1980) وفي غفلة من أمن النظام انقلب على الرئيس مجرد عريف في الجيش الليبيري اسمه (صامويل دو) أعلن نفسه جنرالا وأعدم بالرصاص رجلا مسنا حاكما منذ 20 عاما وهو (وليام تولبير) وجميع وزرائه، وكتبت أنا في نفس هذا الركن على أعمدة الشرق الغراء مقالا بعنوان (بالروح والدم نفديك يا زعيم) وقلت بالحرف إن الطاغية الجديد جاء لإنقاذ وطنه من الطاغية القديم في انتظار من يأتي لإنقاذ نفس الوطن من الطاغية الحالي وهكذا دواليك! لا أنسى أن أخبركم بأن (صامويل دو) هذا انقلب عليه قسم من قبيلة منافسة يقودها «زعيمان» هما (برنس جونسن وشارلز تايلور) سنة 1990 قبضا على (صمويل دو) وتم تعذيبه بطريقة وحشية مقززة فقطعوا أصابعه وأذنيه قبل قتله وسحله في شوارع العاصمة (مونروفيا).

* أما في عالمنا العربي فقد تأثرت في طفولتي بأخبار العراق حينما انقلب عبد الكريم قاسم على آخر ملك هاشمي هو المرحوم فيصل وأعدمه وسحله في شوارع بغداد مع رئيس وزرائه وأفراد أسرته الهاشمية، ثم بعد 4 سنوات جاء انقلاب عبد الرحمن عارف فأطاح بالطاغية الأحمر عبد الكريم قاسم (لأن قاسم استعان بالشيوعيين) وسحله مع وزرائه في نفس شوارع بغداد ونجا بحياته صديق تونس الرجل الفاضل المثقف المربي محمد فاضل الجمالي الذي تولى منذ الأربعينيات في حكومة نوري السعيد مهام وزارة الخارجية ثم رئاسة الحكومة في العراق ونجا الرجل من حبل المشنقة الذي كان منتصبا على مشانق ما سمي بمحكمة الثورة برئاسة عقيد في الجيش لبس جبة قاض مهووس ومتعجرف اسمه عباس مهداوي ظلم الناس ومات مسحولا هو بدوره في شوارع بغداد… نجا محمد فاضل الجمالي من الموت بفضل إصرار الزعيم بورقيبة على إطلاق سراحه حين اشترط على المنقلب الجنرال عبد الكريم قاسم أن «يعفو عنه» قبل أن يوافق بورقيبة على حضور قمة عربية في بغداد وبالفعل أفرج عن هذا الرجل الفاضل واستضافه بورقيبة في تونس أستاذا بكلية التربية وسبب إخلاص بورقيبة له هو أنه حين كان وزير خارجية العراق مثل بلاده في منظمة الأمم المتحدة بنيويورك وكان بورقيبة واقفا أمام مقر المنظمة ممنوعا من دخولها حتى جاء محمد فاضل الجمالي وتعرف عليه ووضع على صدره (بادج أي تأشيرة مرور) بصفته عضوا في الوفد الرسمي العراقي وهكذا تمكن بورقيبة من تعريف الوفود بقضية تونس ووزع مناشير أعدها ولم ينس أبدا فضل ذلك العراقي الشهم الجريء واستقر في بلادنا ضيفا مبجلا الى أن توفي فيها وخلال سنوات أصبح الرجل صديقي ونشرت له بحوثه التربوية على صحيفة الحزب وكنت رئيس تحريرها وطالما حدثني بلسان خبير عن الهنات والزلات التي تقع فيها النخب العربية رحمة الله عليه واستنتجت منذ مطلع شبابي أن كل من يدرس التاريخ يعرف أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج وان غياب دولة القانون والمؤسسات والوفاق الوطني لابد أن تؤدي إلى السقوط في نفس الظروف والملابسات التي أسقطت ما قبلها.

** مسكينة أفريقيا تلك القارة التي أراد محرروها من الاستعمار أن تكون قارة ديمقراطية موحدة ورحلوا عنها منذ ستين عاما ليتسلمها بعض الضباط المتناحرين «المنقذين» فأين أفريقيا من أحلام داعبت خواطر (نلسون مانديلا) بطل السلام و(باتريس لومومبا) بطل الكونغو الذي مات مقتولا على أيدي الدموي (موسى تشومبي)؟ وأين (أحمد سيكوتوري) بطل غينيا الذي وقف وحيدا في وجه الاستعمار الجديد ومات في ظروف غامضة أليمة؟ وأين (كوامي نكروما) زعيم غانا وأين وأين.. أولئك الذين أسسوا منظمة الوحدة الأفريقية لإنجاز وحدة القارة السمراء ثم تحولت إلى جهاز إداري بارد ثقيل لا روح فيه كما أجهض حلم مؤسسي جامعة الدول العربية عام 1945 واليوم تعيش عديد الشعوب الأفريقية والعربية فواجع الحرب الأهلية والتهجير نفس سيناريو البدايات المؤلمة يتكرر اليوم في غزة الشهيدة على أيدي احتلال عنصري غاشم وما يقع اليوم أيضا فيما يعرف بكاليدونيا وعاصمتها (نوميا) التي يريد شعبها الأصيل (الكاناك) الاستقلال عن باريس التي تبعد عنها بـ 13 ألف كيلومتر! إنها لعبة مأساوية تتكرر منذ الستينيات وفي انتظار حلها تغرق أفريقيا والعالم العربي في المجاعات والهجرات الجماعية وتفاقم الأوبئة وتغير المناخ وضياع الثروات المنهوبة وتناحر زعماء القبائل واستغلال الشركات الغربية لهذه الأوضاع لتسرق وتسلب وتتدخل في نوع جديد غير مسبوق من الاستعباد.

د. أحمد القديدي – الشرق القطرية
8ca81d3caf.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر أسباب انهيار الدول وخراب العمران لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا