الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

«العنابي» يستلهم حضارة «الأنباط» الأثرية.. لتأسيس حضارته الكروية

ليس سهلاً، تكرار الإنجاز الرياضي، على المستوى القاري، فهذا يحتاج إلى خليط من الأداء البطولي، والعطاء الرجولي..

بالإضافة إلى حزمة متجانسة، ومجموعة متمرسة، وإدارة متحمسة، إضافة إلى الانضباط التكتيكي، والتنويع الخططي، والتركيز الذهني، والتوظيف المهاري، والتخطيط الميداني، لقهر القوى الكروية الكبرى، المتطلعة لتحقيق المجد الكروي.

لكن منتخبنا الوطني لكرة القدم نجح في تشكيل تلك الخلطة، وترجمتها إلى خطة، ساهمت في تجاوزه ذلك التحدي، ليشق طريقه بنجاح، مدافعاً بجدارة عن لقبه الآسيوي، مستفيداً من متلازمة التوفيق والتفوق، إلى جانب الكثير من التألق الذي رافقه خلال مسيرته الظافرة، خلال البطولة.

هنا في «استاد لوسيل» حقق منتخبنا العنابي الفوز بكأس آسيا، للمرة الثانية على التوالي، متجاوزاً صقور وصخور البطولة، بعد فوزه المستحق على منتخب الأردن في النهائي الآسيوي العربي، وإحرازه ثلاثة أهداف، مقابل هدف يتيم لمنتخب «النشامى».

لقد سطر فريقنا العنابي اسمه في كتاب التاريخ الرياضي، وحفر منتخبنا الوطني، طريقه نحو الإنجاز القاري، مثلما نحت العرب «الأنباط» الصخور الصلبة في الجنوب الأردني، وأقاموا مدينتهم الصخرية، في «البتراء»، لتكون شاهدة على إنجازهم المعماري، وإرثهم الحضاري، الباقي منذ عام «312» قبل الميلاد.

هناك وسط الجبال الشاهقة، التي تشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية.

 

هناك في المدينة الأثرية الساحرة، التي كانت عاصمة «الأنباط»، ويعود تاريخها إلى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وأصبحت تابعة لمحافظة «معان»، التي ينحدر منها النجم الأردني «يزن النعيمات»، هداف «النشامى»، الذي أحرز هدف الأردن الوحيد، في النهائي الآسيوي.

هناك حيث توجد الأيقونة الأثرية، التي يسمونها «الخزنة»، وتتصدر المدينة الحجرية، ويحيط بها الغموض، وتحوم حولها الأساطير، اعتقاداً أنها تحتوي على «الكنز»!

هناك، ومن هناك في «بلاد الكنز»، إلى هنا في قطر، لا يوجد «كنز» بالنسبة لمنتخبات الأمم الآسيوية، أغلى من «كأس آسيا»، تلك التحفة الفنية، التي لا تشابهها في تصميمها، وتدانيها في هندستها، وتضارعها في هيئتها، وتحاكيها في هيبتها، وتماثلها في روعتها، كأس أخرى في القارة.

ومن أجل هذه الكأس، كان نجوم منتخبنا العنابي على موعد مع ملحمة كروية، تمثلت في تحقيق الوعد، المتمثل في الفوز ببطولة كأس آسيا، للمرة الثانية على التوالي.

هنا في «استاد لوسيل المونديالي»، سطر نجوم منتخبنا العنابي، تفاصيل ملحمتهم البطولية، وحققوا إنجازهم القاري، في النهائي الآسيوي العربي، على إيقاع «المهباش» الأردني!

هنا كانت رائحة القهوة العربية، تفوح في الملعب، وكان صوت «سميرة توفيق» يصدح في المدرجات، مردداً أغنيتها الشهيرة:

«بالله تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل»

«واسقوها للنشامى في ملعب لوسيل».

.. ولأن قطر، تشتهر بالترحيب بضيوفها، وإكرام زائريها، فقد حرص النجم المتألق «أكرم عفيف»، الفائز بجائزة أحسن لاعب في البطولة، على تكريم الضيوف بطريقته الخاصة، فأحرز أهدافه الثلاثة، بكل جود وكرم في مرماهم من نقطة الجزاء!

لقد سجل «الكريم أكرم» أهدافه في مرمى الكرام، من «3» ركلات جزاء، احتسبها الحكم الصيني «مانينغ» في الدقائق «22» و«72» و«90 + 5».

وبهذا رفع الهداف «العفيف» رصيده، إلى «8» أهداف، توج بها هدافاً للبطولة.

أما هدف الأردن الوحيد، فقد جاء في الدقيقة «68» ليتوج النشاط الهجومي المنظم، الذي بذله منتخب «النشامى»، عندما أرسل «علي علوان» كرة عرضية عالية استقبلها «يزن النعيمات» بمهارة، داخل المنطقة القطرية الخاصة والخالصة، وسددها بيسراه قوية في الشباك، محرزاً هدف التعادل، وكانت النتيجة وقتها تشير إلى تقدم منتخبنا العنابي.

بعد إحراز الهدف الأردني الرائع، بإمضاء اللاعب «الزين يزن»، كثف منتخب «النشامى» هجماته على المرمى القطري، وكانت محاولاته لتعزيز النتيجة، أشبه بالبحث عن «رأس غليص»، خارج إطار المسلسل الأردني الشهير، حيث امتازت الهجمات الأردنية المتواصلة والمتسلسلة، بالكثير من التشويق والإثارة، واتصفت بالقوة والجسارة، وتميزت بالسرعة والإغارة على مرمى قطر!

لكنها افتقدت إلى الجدارة، في إنهاء الهجمة، والقدرة على تسديد الكرة داخل المرمى القطري، بسبب المرونة والمهارة، التي يشتهر بها الحارس «مشعل»، الذي أشعل المدرجات بتصدياته الحاسمة، فاستحق أن يفوز بجائزة أحسن حارس في بطولة آسيا.

قبل انطلاق المباراة، كان منتخب النشامى «معنعن»، وتعني أنه كان في ذروة الفخر الوطني، وله الحق أن يفخر، بإنجازه الكروي غير المسبوق، بالوصول إلى نهائي كأس آسيا.

ومن حقه أيضاً أن يكون فخوراً بقدرات ومهارات لاعبيه، وأن يفخر أيضاً بإمكانيات مدربه «حسين عموتة» التدريبية، وعقليته التكتيكية، وله أن يفخر دائماً بجمهوره الوفي، وتشجيعه القوي.

ولكل هذا كان طامحاً ولا أقول طامعاً في الفوز بكأس آسيا، وخصوصاً بعد نجاحه في اجتياز جميع المطبات، وتخطيه كل الصعوبات، وتجاوزه جميع العقبات، التي واجهها قبل وصوله إلى النهائي.

ولهذا أراد أن «يكزدر»، أكثر من مرة بالقرب من مرمى قطر، لكن منتخبنا الوطني، أعاده إلى الواقع، بأدائه الرائع، بعدما قطع عليه جميع الطرق، لتحقيق طموحه المشروع، ومن بينها الطريق إلى شارع «الرينبو»، الواقع في «جبل عمان»، المتفرع من الدوار الأول، والشوارع المؤدية إلى «الشميساني» و«جبل الحسين» وغيرها!

وهكذا كانت محاولات الأردن، لإحراز الهدف في الشوط الأول، أشبه بمن يحاول الغوص في أعماق «البحر الميت»، فيظل طافياً فوق سطح الماء، بسبب شدة ملوحة المياه، وافتقادها لمقومات الحياة!

هكذا سارت أحداث مباراة قطر والأردن في النهائي الآسيوي العربي، وهكذا دارت مجرياتها المتأرجحة، بين حضارة «الأنباط» الأثرية، وحضارة «العنابي» الكروية.

وهكذا احتفظ منتخبنا الوطني، بلقبه القاري، للمرة الثانية على التوالي.

وهكذا أصبح المنتخب «الأدعم»، بطلاً لكأس الأمم الآسيوية، لكرة القدم، وسيداً لمنتخباتها، «وزعيماً» لفرقها.

وستبقى مباراة النهائي، راسخة في ذاكرة البطولة، وثابتة في تاريخها وعقول متابعيها، ليس لأن الحكم الصيني، الذي أدارها، احتسب «3» ركلات جزاء مستحقة لصالح «العنابي»، ولكن لأن بطل آسيا، الذي صنع في قطر، نجح في الدفاع عن لقبه، بمنتهى الإصرار.

علماً بأن احتساب «3» ضربات جزاء، في مباراة حاسمة، ليس بدعة، ولا يستدعي إثارة الشكوك، والغمز واللمز، والقيل والقال، لمن يفقهون في كرة القدم، ويفهمون قوانينها، ويتابعون مبارياتها.

وخير مثال على ذلك، احتساب الحكم «3» ضربات جزائية لصالح البرازيل، ضد الأرجنتين، في المباراة التي أقيمت في الثالث من يونيو عام 2004 في مدينة «بيلوهوريزونتي» البرازيلية، خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم، نجح الهداف البرازيلي «رونالدو»، في إحرازها في الدقائق «17» و«69» والدقيقة السادسة من الوقت المحتسب بدل الضائع، لتنتهي المباراة بفوز منتخب «السامبا» بثلاثة أهداف، مقابل هدف واحد لمنتخب «التانغو»، سجله «خوان بابلو سورين» في الدقيقة «80».

والمفارقة، أنها نفس نتيجة مباراة قطر والأردن، في نهائي كأس آسيا، التي شهدت تألق المتألق «أكرم عفيف»، بمنتهى التوهج والاقتدار.

وهكذا كانت الأقدار، وفي خضم ذلك الانتصار، لا أنسى الإشارة، بل الإشادة، بدور المدرب الإسباني «ماركيز لوبيز»، الذي استلم مهمة تدريب العنابي، قبل نحو «36» يوماً على انطلاقة البطولة.

وتحديداً في السادس من ديسمبر الماضي، بعد الاستغناء عن البرتغالي «كارلوس كيروش»، حيث نجح في إعادة الثقة في أوساط المنتخب، بعدما تسبب سلفه في اهتزازها، في ظل انعدام حالة اليقين، في قدرات فريقه، وعدم ثقته في شخصية البطل، وفقدانه روح الانتصار.

ولعل ما يميز المدرب الإسباني، الذي يسمونه في بلاده «تان تان»، وجود حالة من التشابه الشكلي بينه وبين الشخصية الكاريكاتورية، التي ابتدعها الكاتب البلجيكي «هيرجيه»، في سلسلة رواياته الخيالية المثيرة!

وبعيداً عن التشابه في المظهر، قبل أن يتعرض شعر المدرب إلى التجريف، فهما يعتمدان على الجرأة، ويتميزان بالشجاعة، ويتصفان بالذكاء، ويقبلان بالتحدي، ويرتكزان على التخطيط السليم، لفك رموز القضايا المعقدة.

وهذا ما فعله مدرب الوكرة، الذي استعان به الاتحاد القطري لكرة القدم لقيادة العنابي في كأس آسيا، ونجح في فك طلاسم المنتخبات التي واجهها، في إطار المغامرات التي تحبس الأنفاس، التي خاضها، وقاد خلالها «العنابي»، للفوز بكأس البطولة، بجدارة واستحقاق، للمرة الثانية على التوالي، والاحتفاظ بلقبه القاري، بطلاً لكأس الأمم الآسيوية.

أحمد علي – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر «العنابي» يستلهم حضارة «الأنباط» الأثرية.. لتأسيس حضارته الكروية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا