الارشيف / اخبار العالم

تهويل ومبالغات حول الحرب الشاملة... ماذا يعني "قلق" بري عمليًا؟!

على الرغم من التراجع النسبيّ في وتيرة العمليات العسكرية على خطّ الجبهة الجنوبية، خلال الأيام القليلة الماضية، سواء على مستوى القصف الإسرائيلي، وإن لم ينقطع كليًا، أو على مستوى عمليات "حزب الله" المضادة، التي انخفضت إلى حدودها الدّنيا، فإنّ الحديث عن "الحرب الشاملة" التي تقترب بقي هو الطاغي، في ظلّ معادلة يعتقد كثيرون أنّها ستشكّل عنوان المرحلة المقبلة إسرائيليًا، وقوامها "لبنان بعد رفح".

وإذا كانت "الحرب النفسية" بين لبنان وإسرائيل وصلت إلى الذروة في الآونة الأخيرة، عبر إشهار كلّ طرف لما يصطلح على تسميته بـ"بنك أهداف الحرب"، وهو ما تجلّى بوضوح في فيديوهات "حزب الله" التي يُقال إنّها لم تنتهِ فصولاً، وكذلك في تقرير "التلغراف" بما تضمّنه من ادعاءات حول مطار بيروت، فإنّ المخاوف والهواجس ازدادت حدّة مع تزايد "نصائح" الدول الغربية لرعاياها بتجنّب السفر للبنان.

وحتى تكتمل فصول المشهد، جاءت تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري التي بدت غير مسبوقة، لكون صاحبها هو من اعتاد على بثّ التفاؤل في النفوس، فإذا به يبدو "غير مطمئنّ" لمجريات الأوضاع، بل يعبّر صراحةً عن "قلقه" من التطورات، ويتحدّث عن شهر "حاسِم ومصيريّ"، وهو ما أثار خوف كثيرين من أن يكون برّي قد قصد أنّ الحرب اقتربت، وأنّ شهر تموز سيكون "مفصليًا" على خطّها.

لكن، هل هذا فعلاً ما قصده رئيس مجلس النواب، الذي قيل إنّ "قلقه" جاء بناءً على معطيات وصلته بعيد الزيارة الأخيرة للمبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت، والتي وُصِفت للمفارقة بـ"الفرصة الأخيرة"، أو ربما "الإنذار الأخير"؟ هل من مؤشّرات على أنّ الحرب الإقليمية أو الشاملة باتت وشيكة فعلاً، وأنّها أضحت "تحصيلاً حاصلاً"، أم أنّ كلّ ما يُحكى يندرج في خانة التهويل والمبالغات ليس إلا؟.

في المبدأ، يقول العارفون إنّ تصريحات رئيس مجلس النواب التي أثارت "البلبلة"، أخرِجت عن سياقها، وضُخّمت في مكانٍ ما، إذ إنّ بري كان يتوخّى من خلالها تقديم قراءة واقعية وموضوعية للتطورات في لبنان والمنطقة، وهو لم يكن يتحدّث "حصرًا" عن مجريات الجبهة الجنوبية، وإنما كانت مقاربته شاملة من الوضع الأمني، إلى انتخابات الرئاسة، مرورًا بأزمة النازحين، وكلّها قضايا "شائكة" يجب حسمها في أقرب وقت ممكن.

لا ينكر العارفون أنّ الحرب شكّلت أحد جوانب "قلق" بري، الذي يخشى كغيره من إمكانية انزلاق الأمور إلى ما هو أسوأ جنوبًا، وصولاً إلى حدّ الذهاب إلى حرب موسّعة، وهو احتمال موجود، بحسب ما يقول هؤلاء، الذين يلفتون إلى أنّ ما عزّز الهواجس لدى بري كان عدم تلقّيه أيّ "رسالة" من المبعوث الأميركي بعد مغادرته لبنان في جولته الأخيرة، علمًا أنّه مرّ حينها بتل أبيب، وكان يفترض أن يحصل على أجوبة حول ما سمعه في بيروت.

ولأنّ ما أعقب زيارة هوكستين على مستوى "الحرب النفسية" بين لبنان وإسرائيل كان ميّالاً نحو السلبية أكثر من الإيجابية، مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان، ولو أنّ هناك من يحمّل "حزب الله" مسؤولية في هذا الإطار، بتعمّده نشر فيديو "الهدهد" الشهير بالتزامن مع زيارة المسؤول الأميركي، ما أفرغها عمليًا من مضمونها، فإنّ بري أراد القول بصورة أو بأخرى، إنّ أحدًا لا يستطيع أن يضبط "جنون" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

لكن، أبعد من هذا القلق، يقول العارفون إنّ تصريح بري كان يهدف في الوقت نفسه إلى قرع "جرس الإنذار" في الداخل اللبناني، بأنّ الاستمرار على المراوحة القائمة في مواجهة المخططات التي تُرسَم قد يكون "قاتلاً"، لأنّ المطلوب "تحصين" الساحة الداخلية بالحدّ الأدنى، من أجل تحقيق "الخرق المطلوب" سريعًا، ولا سيما أنّ التأجيل لن يكون لصالح اللبنانيين، في ظلّ الانشغال الدولي باستحقاقات أخرى، على رأسها الانتخابات الرئاسية الأميركية.

استنادًا إلى ما تقدّم، فإنّ بري أراد من خلال تصريحاته "تحفيز" مختلف الأفرقاء من أجل القفز فوق خلافاتهم التي لا تنتهي، والمبادرة لمواجهة أصعب السيناريوهات وأسوأها، إلا أنّ ذلك معطوفًا على بعض نصائح الدول الغربية لرعاياها بمغادرة لبنان، لا يعني "حتميّة" الحرب، التي تبقى حتى الآن مُستبعَدة بحسب العارفين، أو بالحدّ الأدنى مؤجَّلة، وإن لم تكن مستحيلة، باعتبار أنّ الأولوية تبقى للحلول الدبلوماسية في المقام الأول.

فعلى الرغم من أنّ أسهم الحرب ارتفعت في الآونة الأخيرة، حتى إنّها وصلت إلى أعلى مستوياتها في مرحلة معيّنة، تزامنًا مع فيديوهات "الهدهد" وتقرير "التلغراف"، التي تبادل من خلالها الطرفان الرسائل "النارية" إن جاز التعبير، فإنّ هناك من يعتبر أنّ كلّ ما سُجّل من رفع للأسقف يندرج في خانة "الحرب النفسية" حصرًا، وقد أفضى عمليًا إلى خفض وتيرة التصعيد بصورة أو بأخرى، وإن بقي الاستنفار والتأهّب على أشدّه.

يقول العارفون في هذا الإطار إنّ مؤشّرات عدّة تبقي خيار الحرب بعيدًا نسبيًا، من بينها أنّ الطرفين لا يريدانها ولا يسعيان إليها، فالجانب الإسرائيلي وإن رفع مستوى تهديداته، ليس جاهزًا للغوص في "مستنقع" لبنان، وهو الذي لم يستفق بعد من "صدمة" غزة، كما أنّ "حزب الله" في المقابل، وإن أكّد جهوزيته الكاملة لخوض الحرب بلا أسقف وضوابط إن فُرِضت عليه، فهو لا يجد مصلحة حقيقية فيها، خصوصًا بغياب الحصانة الداخلية المطلوبة.

ثمّة من يضيف إلى ما سبق، عوامل أخرى، مرتبطة بالرفض الأميركي ضمنًا للذهاب إلى حرب، على الأقلّ في الفترة المقبلة، باعتبار أنّ هذه الحرب آخر ما يريده الرئيس الأميركي جو بايدن على عتبة المنافسة الرئاسية التي يخوضها مع خصمه دونالد ترامب، كما أنّ هناك من يلفت إلى الخطاب "المجدول" لنتنياهو في الكونغرس الأميركي في 24 تموز المقبل، رغم بعض الدعوات لإلغائه، ما يرجّح عدم حصول الحرب قبل هذا التاريخ.

باختصار، وخلافًا لما يقوله المهوّلون، فإنّ الحرب الموسّعة والشاملة لا تبدو "حتميّة"، وإن كانت أسهمها وصلت إلى أعلى مستوياتها، منذ الثامن من تشرين الأول، وإن ساد الانطباع بأنّ الأمور لن تنتهي عمليًا إلا بمواجهة ما، لا يبدو شكلها محسومًا بعد. لكن الأكيد أنّ ذلك لا يكفي لضمان عدم تدحرج الأمور في أيّ لحظة، وهو ما يفترض أن يشكّل حافزًا للجميع، من أجل تقليل الأضرار بالحدّ الأدنى، عبر تفاهم وطني طال انتظاره!.

كانت هذه تفاصيل خبر تهويل ومبالغات حول الحرب الشاملة... ماذا يعني "قلق" بري عمليًا؟! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا